« أكرم زيداً إلى أن يقدم الحاج » هو المغيّى بالغاية التي هي قدوم الحاج ، وعليه فلا جرم تكون القضيّة دالّة على انتفاء سنخ وجوب الإكرام عن زيد عند الغاية ، من جهة أنّ احتمال ثبوت شخص وجوب آخر له فيما بعد الغاية ممّا يدفعه قضية الإطلاق المثبت لانحصاره في ذلك الفرد من الطلب الشخصي ، نعم لو كانت الغاية في القضيّة راجعة إلى خصوص الموضوع أو المحمول ( لا إلى النسبة الحكميّة ) لكان للمنع عن الدلالة على ارتفاع سنخ الحكم عمّا بعد الغاية كمال مجال (١).
أقول : لا يخفى أنّ مرجع أكثر هذه البيانات إلى أنّ القيد إن كان قيداً للحكم يدلّ على المفهوم ، وإن لم يكن قيداً للحكم لا يدلّ على المفهوم ، مع أنّه قد مرّ أنّ القيد في جميع الموارد يرجع إلى الحكم إلاّ أنّه تارةً يرجع إليه بلا واسطة ، واخرى يرجع إليه مع الواسطة ( وهي الموضوع أو المتعلّق ).
هذا ـ مضافاً إلى أنّ أداة الغاية إنّما هي من أداة الجرّ ، ولا إشكال في أنّ الجار والمجرور متعلّق بالفعل دائماً كما قرّر في محلّه ، وبهذا اللحاظ تكون الغاية قيداً للحكم بلا واسطة في جميع الموارد ولو قلنا بأنّ الوصف قد يكون قيداً للموضوع.
وأمّا ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله من أنّ قيد « إلى الكوفة » في قولك « سر من البصرة إلى الكوفة » قيد للموضوع ( أي المفهوم الافرادي على تعبيره ) وهو السير ، من باب أنّ الغاية وهي الكوفة في هذا المثال داخلة في المغيّى ـ فهو في غير محلّه ، لأنّ مرجع جميع القيود هو الفعل وإن كانت راجعة ابتداءً إلى الموضوع.
هذا ـ مضافاً إلى عدم الدليل على دخول الغاية ( وهو الكوفة ) في المثال المزبور في المغيّى ولا شاهد له.
ومنه يظهر الحال فيما أفاده في المحاضرات.
وأمّا كلام المحقّق العراقي رحمهالله فيرد عليه : أنّ رجوع القيد إلى النسبة الحكميّة لا ينفكّ في الحقيقة عن الرجوع إلى الحكم ، وأيّ فرق بين تقييد وجوب إكرام زيد بمجيئه ، أو تقييد نسبة الوجوب إلى الإكرام بذلك؟
__________________
(١) راجع نهاية الأفكار : ج ١ ، ص ٤٩٧ ـ ٤٩٨.