فتلخّص من جميع ما ذكرنا أنّ الغاية تدلّ على المفهوم لأنّ الظاهر رجوع القيد إلى الحكم في جميع الموارد ، وبالنتيجة يكون دالاً على المفهوم ما لم تقم قرينة على خلافه.
هذا كلّه في الجهة الاولى.
وأمّا الجهة الثانية ـ وهي دخول الغاية في المغيّى بحسب الحكم وعدمه :
ففيها خمسة وجوه أو خمسة أقوال :
الأوّل : الدخول مطلقاً.
الثاني : الخروج مطلقاً وقد ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمهالله وفي تهذيب الاصول.
الثالث : التفصيل بين ما إذا كانت الغاية من جنس المغيّى كقوله تعالى : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) ( حيث إنّ المرافق من جنس الأيدي ) فهي داخلة فيه ، وبين ما إذا لم تكن الغاية من جنس المغيّى كقوله تعالى ( أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) فهي خارجة عنه.
الرابع : التفصيل في أدات الغاية بين كلمة « إلى » وكلمة « حتّى » ، فإن كانت الغاية مدخولة لكلمة « إلى » كانت خارجة عن المغيّى ، وإن كانت مدخولة لكلمة « حتّى » كانت داخلة فيه ، وقد ذهب إليه المحقّق النائيني رحمهالله.
الخامس : عدم كونها داخلة في المغيّى أو خارجة عنه على نحو العموم بل المقامات مختلفة بحسب اختلاف المقامات والقرائن الموجودة فيها ، مع فقد القرينة يكون المرجع هو الأصل العملي.
ولا إشكال في أنّ محلّ البحث في المقام ما إذا كانت الغاية ذات أجزاء كالكوفة في مثال « سر من البصرة إلى الكوفة » ومثل سورة الإسراء في قولك : « اقرأ القرآن إلى سورة الإسراء » وأمّا إذا لم يتصوّر لها أجزاء مثل قولك : « اقرأ القرآن
من أوّله إلى آخره » أو « اقرأ القرآن إلى آخر الجزء العاشر » فهو خارج عن محلّ الكلام كما لا يخفى.
وكيف كان ، فقد استدلّ المحقّق الخراساني رحمهالله للقول الثاني : ( أي خروج الغاية عن المغيّى مطلقاً ) بأنّ الغاية من حدود المغيّى فلا تكون محكومة بحكمه لأنّ حدّ الشيء خارج عن الشيء.