مرّ من أنّ المراد من الظنّ الوارد فيها هو الوهم والخرافة التي ليست مبنية على أساس برهاني متين.
وأجاب عنه المحقّق الخراساني رحمهالله بوجوه كلّها غير تامّة :
أحدها : أنّها واردة إرشاداً إلى عدم كفاية الظنّ في اصول الدين.
وقد مرّ سابقاً أنّ هذا الجواب صحيح بالنسبة إلى بعض الآيات لا جميعها.
ثانيها : أنّها منصرفة عن الظنّ الذي قام الدليل على حجّيته.
وفيه : أنّه مجرّد دعوى بلا شاهد.
ثالثها : أنّ رادعيّة الآيات عن سيرة العقلاء دوريّة لأنّ رادعيّة الآيات بعمومها متوقّفة على حجّية هذا العموم ، وحجّيته موقوفة على عدم كون السيرة مخصّصة له إذ لو كانت مخصّصة له لم يبق لها عموم حتّى تكون بعمومها حجّة رادعة عن السيرة ، وعدم كون السيرة مخصّصة لعموم الآيات أيضاً موقوف على عموميتها فكون الآيات رادعة عن السيرة متوقّف على عدم كون السيرة مخصّصة ، بينما عدم كون السيرة مخصّصة لها أيضاً متوقّف على كون الآيات رادعة عنها ، وهو دور محال.
أقول : العجب من هذا البيان لأنّ القضيّة على العكس فإنّ المقتضى لحجّية العمومات والإطلاقات خصوصاً في المخصّص المنفصل موجود والمانع عنها يحتاج إلى دليل بخلاف السيرة لأنّها ليست حجّة في حدّ ذاتها بل يتحقّق المقتضي لحجّيتها بإمضاء الشارع وعدم ردعها.
وإن شئت قلت : السيرة العقلائيّة في حدّ ذاتها ناقصة من حيث الحجّية لا تتمّ إلاّبإمضاء الشارع ولكن ظهور العام حجّة تامّة إلاّ أن يمنع عنه مانع ، فما دام لم يثبت المانع نأخذ بهذا الظهور ، وأمّا السيرة فليست كذلك ، فإنّها إذا لم يثبت إمضاء الشارع بقيت غير حجّة ، فحجّية العمومات ليست متوقّفة على إثبات عدم كون السيرة مخصّصة ، ولكن حجّية السيرة تتوقّف على إثبات إمضاء الشارع وعدم كون الآيات رادعة.