الفقراء وتشخيص الموضوعات والمصاديق بأخبار الثقات مطلقاً ولو لم يحصل الاطمئنان المقارب للعلم ، بل ولو كان الخبر مع الواسطة فيكتفي مثلاً بوثيقة لتعيين الفقير الفلاني التي ارسلت من جانب شخص موثّق ، كما أنّه المتعارف في الحوالات البنكيّة فإنّها تقبل من حامليها بمجرّد كونهم موثّقين مع أنّ احتمال مجعوليتها موجود ، بل على هذا يدور رحى الحياة الاعتياديّة اليوميّة ، وعليه أيضاً مدار المراجعات إلى التاريخ والأخبار الماضية فيكتفي فيها بتأليفات الموثّقين والكتب المعتبرة الموجودة من دون الإتّكاء على حصول يقين أو اطمئنان وإلاّ لا طريق لنا للوصول إلى أخبار الماضين والاعتبار منها أصلاً.
وإن شئت فاختبر نفسك فيما إذا أردت تقسيم غلّة الأوقاف أو سهم الإمام وشبهها في مصارفها لا سيّما إذا كانت كثيرة فإنّك سوف تعرف أنّه لا مناصّ لك من قبول خبر الثقات في هذه الامور ولو لم يحصل العلم أو الاطمئنان.
وأمّا وجود هذه السيرة في عصر الأئمّة عليهمالسلام فيشهد له ملاحظة الأسئلة الواردة من الرواة وتقريرات الأئمّة لهم التي مرّت جملة منها ضمن نقل الأخبار الدالّة على حجّية خبر الثقة.
ثمّ إنّ مخالفة أمثال السيّد المرتضى رحمهالله لا تضرّنا في المقام ، أي ليست مضرّة بالإجماع المصطلح وذلك لجهتين :
الاولى : لعلّ مخالفتهم كانت من ناحية الضغط الوارد من جانب المخالفين واعتراضهم بأنّه لو كان خبر الواحد حجّة عندكم فكيف لا تعملون بأخبار الآحاد الواردة من طرقنا مع عدم إمكان جرح رواتهم من جانب هؤلاء؟
الثانية : أنّه يمكن حمل مخالفتهم بالنسبة للأخبار غير نقيّة السند المرويّة من غير الثقات من أصحاب الأئمّة أو في الكتب غير المعتمدة ، لأنّه لا شكّ في أنّهم كانوا يعملون بالأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة للشيعة ويستندون إليها في فتاويهم ، نعم كان وجه عملهم بها اعتقادهم بأنّها محفوفة بقرائن قطعية أو اطمئنانيّة وهي ممنوعة عندنا فهم مشتركون معنا في أصل حجّية أخبار الثقات الموجودة في الكتب المعتبرة المعتمدة عليها للشيعة ( التي هي محلّ الكلام في ما نحن فيه ) إنّما الاختلاف في وجه الحجّية فمخالفتهم ليست مضرّة بثبوت الإجماع على العمل بها.
ثمّ إنّ المهمّ في الجواب عن الآيات الناهيّة التي قد يتوهّم رادعيتها للسيرة العقلائيّة هو ما