ومنها : ما رواه علي بن مهزيار قال : قرأت في كتاب لعبدالله بن محمّد إلى أبي الحسن عليهالسلام اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبدالله عليهالسلام في ركعتي الفجر في السفر فروى بعضهم صلّها في المحمل وروى بعضهم لا تصلّها إلاّعلى الأرض ، فوقّع عليهالسلام : « موسّع عليك بأيّة عملت » (١).
هذه هي الطوائف الثلاثة من الأخبار الدالّة على حجّية خبر الواحد.
وإستشكل فيها أوّلاً : بإمكان المنع عن كونها متواترة لأنها مع كثرتها منقولة عن عدّة كتب خاصّة لا تبلغ حدّ التواتر مع أنّ الشرط في تحقّق التواتر كونها متواترة في جميع الطبقات ، والتواتر في جميعها ممنوع مع ما عرفت.
وثانياً : بأنّه لو سلّمنا كونها متواترة إلاّ أنّه لا يوجد بين الأخبار خبر يكون جامعاً لعامّة الشرائط ، أي دالاً على حجّية قول مطلق الثقة ، لأنّ القدر المتيقّن من تلك الأخبار هو الخبر الحاكي من الإمام بلا واسطة مع كون الراوي من الفقهاء نظراء زرارة ومحمّد بن مسلم وأبي بصير ، ومعلوم أنّه ليس بينها خبر واجد لجميع الشرائط حتّى شرط عدم الواسطة.
ولكن يمكن الجواب عن كلا الإشكالين : أمّا عن الأوّل : فبأنّه لو لم تكن الأخبار متواترة فلا أقلّ من وجود خبر بينها محفوف بالقرائن القطعيّة أو الاطمئنانيّة يدلّ على حجّية خبر مطلق الثقة ، وهذا المقدار لا يضرّنا ولا بأس به لأنّ المهمّ هو القطع بالصدور.
وأمّا عن الثاني : فبأنّه أوّلاً : كلّ واحدة من الطوائف الثلاثة للأخبار قطعية الصدور وإن لم يكن بينها مصداق للخبر المتواتر في المصطلح ، ولا إشكال في دلالة بعض هذه الطوائف على حجّية خبر الثقة مطلقاً.
ثانياً : أنّ جميع الرّوايات ( باستثناء روايتين أو ثلاث روايات ممّا ورد فيها نظير مضمون : « ما أدّيا عنّي فعنّي يؤدّيان » ) ظاهرة في الأعمّ من الأخبار مع الواسطة ويكون القدر المتيقّن حينئذٍ ما كانت سلسلة الرواة فيها من الفقهاء نظراء زرارة من دون فرق بين كونها مع الواسطة أو بلا واسطة ، فلو ظفرنا على رواية جامعة لهذه الشرائط ويكون مفادها حجّية خبر الثقة مطلقاً يثبت المطلوب سواء كانت مع الواسطة أو بدون الواسطة.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ح ٤٤ ، الباب ٩ ، من أبواب صفات القاضي.