فعنّي يقول ، فاسمع له وأطع فإنّه الثقة المأمون » قال : وسألت أبا محمّد عليهالسلام عن مثل ذلك فقال : « العمري وابنه ثقتان فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان ، وما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما فإنّهما الثقتان المأمونان » (١).
الإنصاف أنّ قوله عليهالسلام : « فإنّه الثقة المأمون » أو قوله عليهالسلام في ذيل الحديث : « فإنّهما الثقتان المأمونان » بمنزلة تعليق حرمة الخمر بقولك : « لأنّه مسكر » فيدلّ على أنّ الميزان في حجّية خبر الواحد كون المخبر ثقة.
الطائفة الثالثة : روايات اخرى ذات تعابير مختلفة تدلّ على كلّ حال على حجّية خبر الثقة :
منها : ما رواه إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليهالسلام : « أمّا ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك ـ إلى أن قال ـ : وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله وأمّا محمّد بن عثمان العمري فرضى الله عنه وعن أبيه من قبل ، فإنّه ثقتي وكتابه كتابي » (٢).
فهذه الرّواية وإن استدلّ بها في باب التقليد وباب ولاية الفقيه لكن يمكن أن يستدلّ بها أيضاً في باب الحديث والأخبار بالأحاديث خصوصاً مع ملاحظة التعبير الوارد فيها بـ « رواة أحاديثنا » ، فإنّها في الجملة تدلّ على حجّية خبر الواحد وإن اعتبرنا فيها شرائط وخصوصيّات ، ولا يخفى أنّ محلّ النزاع حجّية خبر الواحد في الجملة ، كما يمكن إدراج هذه الرّواية في الطائفة الثانية لما ورد في ذيلها : « فإنّه ثقتي وكتابه كتابي ».
ومنها : ما رواه أبو العبّاس الفضل بن عبدالملك قال سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : « أحبّ الناس إليّ أحياءً وأمواتاً أربعة : يزيد بن معاوية الجبلي ، وزرارة ، ومحمّد بن مسلم ، والأحول وهم أحبّ الناس إليّ أحياءً وأمواتاً » (٣).
فإنّها تدلّ على حجّية خبر الثقة في الجملة بالدلالة الالتزاميّة كما لا يخفى.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ح ٤ ، الباب ١١ ، من أبواب صفات القاضي.
(٢) المصدر السابق : ح ٩.
(٣) المصدر السابق : ح ١٨.