( قَدْ أَنزَلَ اللهُ
إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً ) وقد أُيّد هذا
التفسير بروايات وردت في هذا المعنى.
لكن الصحيح أنّ
المراد منه أهل العلم عامّة وأنّ كلّ واحد من هذه الاحتمالات بيان لمصداق من
المصاديق وتفسير للآية بالمصداق كما هو المتداول في كثير من كتب التفسير وكذا
الرّوايات ، وذلك باعتبار أنّ الذكر في اللغة بمعنى العلم مطلقاً ومن دون تقيّد
وخصوصيّة ، ويشهد عليه ملاحظة موارد استعمال هذه المادّة ومشتقّاتها في القرآن
الكريم كقوله تعالى : ( لَعَلَّهُمْ
يَتَذَكَّرُونَ ) فيكون المراد من كلمة « الأهل » كلّ من كان عالماً وخبيراً في موضوع من
الموضوعات ومسألة من المسائل ، ولا وجه لتخصيصه بمصداق دون مصداق.
وعليه يكون
الاستدلال بهذه الآية في باب التقليد أولى ممّا نحن فيه.
لكن المحقّق
الخراساني رحمهالله حاول الجواب عن هذا الإشكال بأنّ مثل زرارة ومحمّد بن مسلم
وغيرهما من أجلاّء الرواة كانوا من أهل العلم ، فيجب قبول روايتهم ، وإذا وجب قبول
روايتهم وجب قبول رواية من ليس من أهل العلم بالإجماع المركّب.
والإنصاف أنّه غير
تامّ ، لأنّ المستفاد من الآية وجوب السؤال عن مثل زرارة وقبول روايته من حيث إنّه
من أهل العلم والخبروية لا بما أنّه راوٍ وناقل للرواية حتّى يتعدّى عنه إلى سائر
الرواة.
وإن
شئت قلت : هو دليل على جواز
رجوع الجاهل إلى العالم وإمضاء لبناء العقلاء في هذا الأمر ، وأمّا الإجماع
المركّب فلا إشكال في عدم حجّيته في مثل هذه المسألة.
ورابعاً
: أنّ الآية وردت
في اصول العقائد ولا كلام في عدم حجّية خبر الواحد فيها.
ويمكن الجواب عن
هذا أيضاً بأنّ الآية مطلقة تشمل الاصول والفروع ، غاية الأمر لابدّ في الاصول من
إضافة قيد من الخارج وهو اعتبار حصول العلم.
فقد ظهر أنّ جميع
ما اورد على الاستدلال بهذه الآية مدفوعة إلاّ الإشكال الثالث ، وهو أنّها واردة
في حجّية قول أهل الخبرة ، ولهذا استدلّ كثير من العلماء بها في باب الاجتهاد
والتقليد بل هي من أهمّ أدلّة ذلك الباب.
هذا كلّه في الإستلال
لحجّية خبر الواحد بالكتاب ، وهو الدليل الأوّل.
__________________