الثاني : صحّة سلب المشتق عمّن انقضى عنه المبدأ فيقال : زيد الناسي ليس بعالم ، وهي آية المجازية.
وأورد عليه : أنّه إن أُريد بصحّة السلب صحّته مطلقاً ، فغير سديد ؛ وإن أُريد مقيداً فغير مفيد ، لأنّ علامة المجاز هي صحّة السلب المطلق.
توضيحه : انّ علامة المجازية هو سلب اللفظ بما له من المعنى عن المورد حتّى يدلّ على أنّه ليس من مصاديقه مطلقاً ، وأمّا سلب معنى خاص للفظ عن المورد فلا يدلّ إلاّ على أنّه ليس من مصاديق ذلك المقيّد ، وأمّا أنّه ليس من مصاديق المعنى على وجه الإطلاق فلا ، فإذا قلت ـ مشيراً إلى الرقبة الكافرة ـ إنّها ليست برقبة مؤمنة ، لا يدلّ على أنّها ليست برقبة أصلاً ، فعلى ذلك إذا قلت : زيد الناسي ليس بعالم بالفعل ، يدلّ على أنّه ليس من مصاديق المتلبس بالفعل وأمّا انّه ليس من مصاديقه مطلقاً ولو باعتبار من انقضى عنه المبدأ فلا.
وقد أجاب عنه في « الكفاية » بما هذا توضيحه : انّ قولنا بالفعل تارة يكون قيداً للمسلوب أي العالم ، وأُخرى أن يكون قيداً للسلب أي ( ليس ) ، فلو قلنا : زيد ـ الناسي ، أو الذي انقضى عنه المبدأ ـ ليس بعالم بالفعل ، يصير المسلوب مقيّداً ، ويكون معناه أنّ زيداً الناسي ليس من مصاديق العالم بما له علم بالفعل ، ومثله لا يكون علامة للمجازية لوضوح انّ عدم كونه مصداقاً للعالم بملاك العلم الفعلي لا يكون دليلاً على عدم كونه مصداقاً له الآن ولو بملاك علمه السابق الزائل.
وأمّا لو قلنا : زيد ـ الناسي ، أو الذي انقضى عنه المبدأ ـ ليس بالفعل بعالم يكون المسلوب مطلقاً ، ويرجع مفاده إلى أنّ زيداً الذي نسي علمه ليس ـ بالفعل ـ بعالم ، أي ليس مصداقاً بالفعل بأيّ عنوان من العناوين ، للعالم ، لا بملاك العلم الفعلي ، ولا بملاك العلم السابق الزائل ، ومثل هذا يكون علامة للمجازية.