فتلخّص من هذا البحث الضافي أنّ مقتضى الأُصول اللفظية كون الأمر المشكوك نفسياً أو غيرياً هو النفسية ، فلو اقتنع المجتهد بأحد هذه الوجوه لما تصل النوبة إلى الأصل العملي ، وأمّا لو افترضنا أنّ الهيئة غير قابلة لانعقاد الإطلاق فيها كما عليه العلمان : الأنصاري والعراقي ، فلابدّمن الرجوع إلى الأُصول العملية ، وهذا ما نذكره في البحث التالي :
وقبل أن نذكر مقتضى الأصل العملي نشير إلى الصور الثلاث المذكورة في « الكفاية » منطوقاً ومفهوماً.
١. الشكّ في النفسية والغيرية مع العلم بوجوب الغير.
٢. الشكّ في النفسية والغيرية مع الشكّ في وجوب الغير.
٣. الشكّ في النفسية والغيرية مع العلم بعدم وجوب الغير.
وإليك تفاصيل هذه الصور :
الأُولى : إذا تردد وجوب الوضوء أنّه نفسي لأجل النذر أو غيري لأجل الصلاة الواجبة ، فلا شكّ أنّ مقتضى الأصل هو الإتيان به للعلم بوجوبه فعلاً وإن لم نعلم جهة وجوبه.
هذا ما ذكره المحقّق الخراساني ، ولكنّه لم يركّز على المقصود الأصلي في هذا الفرع إذ لا شكّ في وجوب الإتيان بالوضوء ، إنّما الكلام في تعيين محلّه ، فهل هو مختار بين الإتيان به قبل الصلاة وبعدها كما هو مقتضى النفسية ، أو انّه يأتي به قبل الصلاة قطعاً لا بعدها كما هو مقتضى النفسية؟ مقتضى الاشتغال اليقيني هو الإتيان به قبل الصلاة ، لأنّ الإتيان به بعدها يلازم الشكّ في الامتثال ،