يوجب ذلك تقديمه عليه ، لأنّ الأقوائية إنّما توجب التقديم ، لو كان التخالف والتكاذب بينها بالذات ، كما في المثالين : « لا تكرم فاسقاً » ، « أكرم عالماً » والأوّل يفيد الشمول ، والثاني يفيد البدلية ، فانّ كلّ واحد منها يكذّب الآخر ، إذ لا تجتمع حرمة إكرام الفاسق على إطلاقه ولو كان عالماً مع وجوب إكرام مطلق العالم ولو كان فاسقاً ، ففي مثله يقدّم الأقوى على الأضعف ، وهذا هو محل الكلام في مبحث التعادل والترجيح ، لا في المقام إذ ليس بين إطلاق الهيئة والمادة في أنفسهما تكاذب في المقام إذ لا مانع من كونهما مطلقين غير مقيدين ، وإنّما جاء التعارض لأجل علم إجمالي بطروء القيد على أحدهما مع تساويه بالنسبة إلى الأقوى والأضعف ، وفي مثله ، لا وجه لتقديم الأقوى على الأضعف لما ذكرناه من تساوي العلم الإجمالي. (١)
قد عرفت أنّه لا أصلَ لفظي في المقام يعتمد عليه ، وانّ القيد إذا كان متصلاً يلزم منه الإجمال في الكلام ، وإن كان منفصلاً فالعلم الإجمالي بتقييد أحد الإطلاقين يمنع عن الأخذ بواحد منهما ، فلابدّ من الرجوع إلى الأصل العملي.
وأمّا مقتضاه فلانّ الشكّ في كون القيد راجعاً إلـى الهيئـة ( فلا يجب تحصيله ) وإلى المادة ( فيجب تحصيلـه ) شكّ في وجـوب تحصيـل القيـد والمرجع فيه البراءة.
نعم الأصل العملي ، أعني : البراءة لا يثبت أحد الظهورين أي كون القيد قيداً للهيئة أو المادة.
__________________
١ ـ أجود التقريرات : ١ / ١٦٣ ـ ١٦٤.