واستدل على ذلك بأمرين :
الأوّل : لو فرضنا جماعة أرادوا إحداث ألفاظ ، بقدر ألفاظ أيّ لغة لما قدروا عليه فما ظنك بواحد.
الثاني : كثرة المعاني ، فانّه يتعذّر تصوّرها من شخص أو أشخاص. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره من أنّه سبحانه وضع الألفاظ لمعانيها ثمّ ألهم بها الإنسان أمر محتمل ، وربما يشير إليه سبحانه : ( الرّحمن * علّمَ القُرآن * خَلَقَ الإِنْسان * عَلَّمَهُ البَيان ) لا يخالف ما اخترناه آنفاً ، لكن ما استدلّ عليه بالوجهين غير تام. لأنّه إنّما يتمّ لو كان هناك واضع خاص أو أشخاص معينون ، وأمّا على القول بأنّ أصل كلّ لغة وتكاملها يرجع إلى جهد الإنسان عبر سنين طويلة فلا بعد في أن يقوم البشر طيلة هذه السنين بوضع لغات متعددة لمعاني كثيرة.
قُسِّم الوضع إلى أقسام أربعة :
١. الوضع الخاص والموضوع له الخاص.
٢. الوضع العام والموضوع له العام.
٣. الوضع العام والموضوع له الخاص.
٤. الوضع الخاص والموضوع له العام.
وقد اتّفق علماء الأُصول على إمكان الأوّلين ووقوعهما ، والأكثر على إمكان الثالث ووقوعه وامتناع القسم الرابع.
غير انّ المهم هو الوقوف على ما هو الميزان في كون الوضع خاصّاً أو عامّاً؟
__________________
١ ـ أجود التقريرات : ١ / ١١ ـ ١٢.