السيّد الأُستاذ قدسسره ذهب إلى أنّ المبدأ عبارة عن الحروف المترتبة مجرّدة عن كلّ هيئة ، كحروف « ض ، ر ، ب » فهي موضوعة لنفس المعنى مجردة عن كلّ خصوصية ونسبة فاعلية أو مفعولية.
فإن قلت : إنّ اللفظ الموضوع لابدّ وأن يكون قابلاً للتنطّق والتلفظ ، والمادة العارية عن كلّ صورة غير قابلة له.
قلت : إنّ وضع المادة لما كان وضعاً تهيئياً لأن تتلبس بالهيئات الكثيرة من الماضي والمضارع ، فلا يلزم أن تكون قابلة للتنطق. (١)
يلاحظ عليه : أنّ العرف العام لا يضع لفظاً لمعنى ما لم ينطق به فهو بالنطق به يضع اللفظ غالباً ، وقد مرّ أنّ وضع غالب الألفاظ وضع تعيني لا تعييني ، ووضع المادة بلا هيئة يحتاج إلى قدرة فكرية خارج عن إطار قدرة الواضع الساذج. ولذلك استقرّ نظره أخيراً على أنّ المصدر مادة المشتقات ، لكن الهيئة غير دخيلة في المبدئيّة بل دخيلة في إمكان النطق به ، ولو أمكن النطق به بلا هيئة لوضعها بلا هيئة ، وعلى ذلك يصبح النزاع أشبه باللفظيّ.
ربّما يفصل بين المشتقات فيتوهم أنّ بعضها حقيقة في المتلبّس والبعض الآخر في الأعم ، وذلك فيما لو كان المبدأ فيه حرفة أو قوّة أو ملكة فانّ المشتق يصدق مع عدم التلبّس بالمبدأ وذلك كالكاتب والمثمر والمجتهد.
وقد أجاب عنه المحقّق الخراساني بما حاصله : أنّ اختلاف المشتقات في المبادئ وكون المبدأ في بعضها حرفة وصناعة ، وفي بعضها قوّة وملكة ، وفي بعضها
__________________
١ ـ تهذيب الأُصول : ١ / ١٠٥ ـ ١٠٦.