ثمّ إنّ كون الاطّراد دليلاً على الحقيقة ليس بمعنى أنّ الأصل في الاستعمال هو الحقيقة كما عليه المرتضى ، وذلك للفرق بين القولين فانّ ما ذكره يرجع إلى أنّ الأصل في كلّ استعمال ما لم يعلم كونه مجازياً كون المستعمل فيه معنى حقيقياً ، ولأجل ذلك ذهب إلى أنّ اشتراك صيغة الأمر في الوجوب والندب لأجل استعماله فيهما.
وبالجملة : هو يكتفي بمجرّد الاستعمال ويجعله دليلاً على الحقيقة.
وما ذكرنا يرجع إلى أنّ استعمالاً واحداً أو اثنين لا يكشف عن كون المستعمل فيه حقيقة إلاّ إذا انتهى إلى حدّ نطمئنّ بأنّ الانتقال من اللفظ إلى المعنى ، مستند إلى الوضع لا إلى القرينة إذ لو كان لبان ، ولو خفي في مورد فلا يكاد يخفى في الموارد المختلفة ، وكم فرق بين القولين.
تنصيص أهل اللغة
قد ذكروا انّ تنصيص أهل اللغة على معنى اللفظ من أسباب التعرّف على المعنى الحقيقي وتمييزه عن المعنى المجازي ، والمراد من أهل اللغة هم الذين ألّفوا معاجم اللغة وقواميسها ، منهم :
١. الخليل بن أحمد البصري الفراهيدي سيد أهل الأدب ، فهو أوّل من دوّن لغة العرب على وفق حروف المعجم لكنّه رتب الحروف حسب مخارجها من الحلق ، فاللسان فالأسنان ، فالشفتين ، وبدأ بحرف العين وختمها بحروف العلة ( واي ) وقد طبع أخيراً ، توفّـي عام ١٧٠ هـ.