نظرية المحقّق القمي
ذهب المحقّق القمي إلى أنّ ملاك التقسيم هو مقام الإثبات والدلالة ، وبيانه أنّه إذا كان الوجوب مفاد خطاب مستقل ، ومدلولاً بالدلالة المطابقية ، فالواجب أصلي ، سواء أكان نفسياً أم غيرياً. وإن فهم بتبع خطاب آخر ، ومدلولاً بالدلالة الالتزامية ، فالواجب تبعي ، سواء أكان نفسياً أم غيرياً ، وعلى هذا ينقسم النفسي إلى الأصلي والتبعي أيضاً كالغيري ، وذلك لأنّ كون الشيء ذا مصلحة نفسية لا يستلزم أن يكون مدلولاً لخطاب مستقل ومستفاداً من الدلالة المطابقية ، بل ربّما تقتضي المصلحة تفهيمه بالدلالة الالتزامية وبتبع خطاب آخر. (١)
نعم على هذا لا يكون التقسيم حاصراً ، لأنّ من أقسام الواجب ما لا يكون مدلولاً لخطاب أصلاً لا أصالة ولا تبعاً ، كما إذا كان مدلولاً لدليل لبّي من الإجماع والعقل.
ويمكن أن يقال انّ هذا التقسيم ليس لمطلق الواجب ، بل الواجب الذي عليه دليل لفظي ، فالواجب المستفاد من الإجماع والعقل خارج عن المقسم.
إذا دار أمر الواجب بين الأصلي والتبعي ، فهل يمكن إحراز أحد الأمرين بالأصل أو لا؟
ذهب المحقّق الخراساني إلى الأوّل وأنّ نتيجة الأصل كون المشكوك واجباً تبعياً ، لأنّ الأصل عدم تعلّق إرادة مستقلّة به ، ويترتّب عليه آثار التبعية لو كان له
__________________
١ ـ قوانين الأُصول : ١ / ١٠٢.