لا شكّ في وجود الاشتراك في لغة العرب ، وقد جمع علماء اللغة المشتركات اللفظية فيها.
وأمّا القرآن فقد ورد فيه النجم وهو مشترك بين الكوكب والنبات الذي لا ساق له ، قال سبحانه : ( والنّجم إِذا هَوى ) (١) وقال : ( وَالنَّجم وَالشَّجَر يَسْجُدان ) (٢) ومثل النجم لفظة « النون » فانّه مشترك بين الحوت والدوات. (٣)
قال سبحانه : ( وَذا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِ رَ علَيْه ). (٤)
وقال سبحانه : ( ن وَالْقَلَم وَما يَسْطُرُون ). (٥)
ثمّ إنّ علماء علوم القرآن فتحوا باباً في المشتركات القرآنية أسموه بمعرفة الوجوه والنظائر وألّفوا في هذا المضمار رسائل وكتباً ، ولكنّهم خلطوا في كثير بين المصداق والمعنى. (٦) مثلاً : ذكروا للقضاء معاني مختلفة كالفراغ ، والأمر ، والأجل ، والفصل ، والمضي ، والهلاك ، والوجوب ، والإبرام ، والإعلام ، والوصية ، والموت ، والنزول ، والخلق ، والفعل ، والعهد ، مع أنّ الجميع من مصاديق المعنى الواحد وهو العمل المتقن والتنفيذ القاطع.
يقول ابن فارس (٧) : ليس له إلاّ أصل واحد والجميع يرجع إلى ذلك وهو ما يدلّ على إحكام أمر ، وإتقانه وإنفاذه لجهة ، قال اللّه تعالى : ( فَقَضاهُنّ سبع
__________________
١ ـ النجم : ١.
٢ ـ الرحمن : ٦.
٣ ـ مجمع البيان : ٥ / ٣٣٠ ؛ الإتقان : ١ / ٦٦٧ ، أخرجه عن الحسن وقتادة.
٤ ـ الأنبياء : ٨٧.
٥ ـ القلم : ١.
٦ ـ لاحظ الإتقان في علوم القرآن : ١ / ٤٤٥.
٧ ـ إنّ ابن فارس بطل في حلبة ردّ المعاني الفرعية إلى الأصلية ، وكتابه « المقاييس » من أحسن الكتب ، ويليه ما ألّفه الزمخشري باسم « أساس البلاغة ».