يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره خلاف الحكمة فإذا كان المعنى في حدّ ذاته على قسمين ويريد المتكلّم تارة حكاية المعنى وأُخرى إيجاده بنفس الاستعمال ، فلا وجه للعدول عن هذا الطريق الطبيعي وجعل اللفظ لمعنى مشترك بين القسمين.
وبالجملة : اخراج مفاد الإخبار والإنشاء عن نطاق الموضوع له وجعلهما من قيود الوضع خلاف الوضع الطبيعي.
إنّ للمحقّق الخوئي في باب الفرق بين الإنشاء والإخبار نظرية شاذة خالف فيها المشهور ، توجد جذورها في كلام المحقّق الإيرواني. (١) وقد ذكره في تعاليقه في أجود التقريرات. (٢) وقرره تلميذه في المحاضرات ، ونحن نذكر ما في الأخير حيث قال : إنّ الجملة الإنشائية موضوعة لإبراز أمر نفساني خاص ، وكلّ متكلّم متعهد بأنّه متى ما قصد إبراز ذلك ، يتكلّم بالجملة الإنشائية. مثلاً : إذا قصد إبراز اعتبار الملكية ، يتكلّم بصيغة « بعت » أو « ملكت » وإذا قصد إبراز اعتبار الزوجية ، يبرزه بقوله : « زوجت » أو « أنكحت » وإذا قصد إبراز اعتبار كون المادة على عهدة المخاطب ، يتكلم بصيغة « إفعل » ونحوها.
فالجمل الإخباريةوالإنشائية تشترك في الدلالة على الإبراز ، إلاّ أنّ الأُولى مبرزة لقصد الحكاية والإخبار عن الواقع ونفس الأمر ، وتلك مبرزة لاعتبار من الاعتبارات كالملكية والزوجية ونحوهما.
واستدلّ على ذلك بأنّ المراد من كون الإنشاء للإيجاد ، إمّا الإيجاد التكويني فهو بيّـن البطلان ، وإمّا الإيجاد الاعتباري ، كإيجاد الوجوب والحرمة والملكية
__________________
١ ـ نهاية الدراية : ١ / ١٣.
٢ ـ أجود التقريرات : ١ / ٢٥ ـ ٢٦.