بما حاصله ان الدليل إنما يدل على وجوب العمل بكل منهما مشروطا بالقدرة ، وحيث ان العمل بكل منهما مع العمل بالآخر غير مقدور فيخرج عن تحت الدليل ، والعمل به بدون العمل بالآخر مقدور فيكون واجبا ، ونتيجة ذلك وجوب العمل بكل منهما في فرض عدم العمل بالآخر ، وهذا هو التخيير ، وهو ليس من استعمال اللفظ ، في معنيين في شيء.
وأورد عليه المحقق الخراساني (١) بما حاصله : ان دليل حجية الخبر مثلا الموجب لحدوث الملاك وجعل الحكم ظاهرا على المؤدى إنما يدل في مورد ثبوت الطريق والحجة ، والحجية إنما تكون مجعولة للخبر الذي يحتمل الصدق والكذب ، وحيث يعلم بعدم مطابقة احد الخبرين للواقع ، فيعلم انه لا يكون هناك حجتان وطريقان فلا يحدث ملاكان ولا حكمان ، بل أحدهما طريق والمجعول ظاهرا حكم واحد فليس من باب التزاحم في شيء.
وبعبارة أخرى : ان دليل حجية الخبر ، اما بناء العقلاء ، أو الآيات ، والروايات ، والمتيقن من بناء العقلاء غير المتعارضين ، وظاهر الآيات والروايات لو لم نقل حجية الخبر الذي يظن بموافقته للواقع ، هو الخبر الذي لم يعلم اجمالا أو تفصيلا بعدم مطابقته للواقع ، وعلى هذا فلا مقتضى للسببية فيهما ، فالتمانع بين الحكمين في مقام الجعل لا في مقام الامتثال فلا يكون من باب التزاحم.
ثم قال لو سلمنا وجود المقتضى للسببية فيهما وكونهما سببين لجعل
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٤٤٠ بتصرف.