جمع من الغوغائيّين ، حتى ظهر أمره وقويت شوكته ، ألا إنّ جيش الإمام قد تتبعه ، فقتله ، وقتل عصابة من حزبه ، وأسر جماعة منهم ، فمن أعلن إسلامه وتوبته عفا عنه ، ومن لم يسلم وبقي مصرّا على فكرته أخذه أسيرا معه (١).
وعلى أي حال فقد أخذت الفتن تتّسع وتتوالى في البلاد الخاضعة لحكم الإمام ، ولم تسلم منها عاصمته ، حتى أوجبت خذلان الإمام وشهادته ، وخذلان ولده الإمام الزكي ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله الإمام الحسن عليهالسلام ...
وقد ألحقت هذه الأحداث الرهيبة أضرارا بالغة في المجتمع الإسلامي كان من أقساها وأفجعها أن آلت الخلافة الإسلامية إلى معاوية بن أبي سفيان فأخذ يمعن في إذلال المسلمين ، وإرغامهم على ما يكرهون.
وطافت بالإمام موجات رهيبة ومفزعة من الأزمات يتبع بعضها بعضا ، وكان من أقسى ما حلّ به أنّه رأى باطل معاوية قد استحكم ، وسلطانه قد تمّ ، ورأى نفسه في أرباض الكوفة قد احتوشته ذئاب العرب الذين كرهوا عدله ، ونقموا من سياسته الهادفة إلى تحقيق العدالة ونشر المساواة بين الناس.
وممّا أقضّ مضجع الإمام تمزّق جيشه ، وتفلّل جميع فرقه ووحداته فقد كان هوى معظم قادة الفرق مع معاوية لأنّه أغدق عليهم بالأموال فكاتبوه سرّا بالطاعة والانقياد لأمره ، وبالاضافة إلى هذا البلاء فتنة الخوارج وشيوع أفكارهم في الجيش ، وهي تقضي بلزوم عزل الإمام عن الحكم.
وعلى أي حال فقد أصبح الإمام بمعزل تام عن جميع السلطات فكان يأمر
__________________
(١) حياة الإمام الحسن عليهالسلام ١ : ٥٥٠.