استعدّت لتحارب بعضها فذابت نفسه أسى ، وراح يدعو الله تعالى بهذا الدعاء.
« اللهمّ ربّ هذا السّقف المرفوع ، المكفوف المحفوظ ، الّذي جعلته مغيض اللّيل والنّهار ، وجعلت فيها مجاري الشّمس والقمر ، ومنازل الكواكب والنّجوم ، وجعلت ساكنه سبطا من الملائكة لا يسأمون العبادة.
وربّ هذه الأرض الّتي جعلتها قرارا للنّاس ، والأنعام والهوامّ ، وما نعلم وما لا نعلم ، ممّا يرى ، وممّا لا يرى من خلقك العظيم.
وربّ الجبال الّتي جعلتها للأرض أوتادا ، وللخلق متاعا.
وربّ البحر المسجور المحيط بالعالم.
وربّ السّحاب المسخّر بين السّماء والأرض.
وربّ الفلك الّتي تجري في البحر بما ينفع النّاس ، إن أظفرتنا على عدوّنا ، فجنّبنا الكبر ، وسدّدنا للرّشد ، وإن أظفرتهم علينا فارزقنا الشّهادة ، واعصم بقيّة أصحابي من الفتنة » (١).
وأنت ترى في هذا الدعاء مدى تبتّل الإمام وانقطاعه إلى الله تعالى وطلبه للسداد منه ، وأن يجنّبه البغي والعدوان في هذه الحرب.
واستعدّ الإمام عليهالسلام للحرب فخرج لابسا لامة حربه ، وكان على ميمنة جيشه عبد الله بن بديل الخزاعي ، وعلى ميسرته عبد الله بن عباس ، وقرّاء العراق ، ومن بينهم الصحابي العظيم عمّار بن ياسر ، وباقي الصحابة الأجلاّء ، فاستقبلتهم جحافل
__________________
(١) وقعة صفّين : ٢٣٢.