وتخلّف عن بيعة الإمام جماعة سمّاهم المسعودي بـ « القعّاد » (١) ، وسمّاهم أبو الفداء بـ « المعتزلة » (٢) ، وقال فيهم الإمام :
« اولئك قوم قعدوا عن الحقّ ، ولم يقوموا مع الباطل » (٣) ، وهم : سعد بن أبي وقّاص ، وعبد الله بن عمر ، وحسّان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، ومسلمة بن مخلد ، وأبو سعيد الخدري ، ومحمّد بن مسلمة ، والنعمان بن بشير ، وزيد بن ثابت ، ورافع ابن خديج ، وفضالة بن عبيدة ، وكعب بن عجرة ، وعبد الله بن سلام ، وصهيب بن سنان ، وسلامة بن سلامة ، واسامة بن زيد ، وقدامة بن مظعون ، والمغيرة بن شعبة (٤) ، وهؤلاء قد انحرفوا عن الحقّ ، ومالوا عن الطريق القويم ، وليس لهم أي مبرّر في تخلّفهم عن بيعة الإمام رائد العدالة في دنيا الإسلام.
واعتذر سعد بن أبي وقّاص ـ وهو أحد العشرة المبشّرة في الجنّة ـ كما يقولون عن سبب اعتزاله عن بيعة الإمام وعن بني اميّة أيام المحنة الكبرى ، فقال : إنّي لا اقاتل حتى يأتوني بسيف مبصر ، عاقل ، ناطق ينبئني أنّ هذا مسلم وهذا كافر .. ، وهو اعتذار مردود مرفوض ؛ فإنّ بيعة الإمام عليهالسلام كانت شرعية ، فقد صرّح بها الإمام وبايعه جمهور المسلمين ، ولم تكن بيعته فلتة ، ولم يتخلّف عنها إلاّ من شذّ عن طريق العدل ، ألم يسمع سعد وغيره حديث النبيّ في عليّ : « عليّ مع الحقّ ، والحقّ مع عليّ »؟ بلى والله! قد سمعوا ذلك ، وسمعوا ما هو أكثر من ذلك ، ولكنّ الأحقاد والأضغان هي التي دفعت سعدا لأن يتخلّف عن البيعة ، وقد ردّ عليه الطيّب
__________________
(١) مروج الذهب ( المطبوع بهامش ابن الأثير ) ٦ : ٧٨.
(٢) تاريخ أبي الفداء ١ : ١٧٦ ـ ١٧٨.
(٣) الاستيعاب ٣ : ٥٥.
(٤) الكامل في التاريخ ٣ : ٧٤.