بين أهل الشّكّ علمك ، وأنت الجلف المنافق ، الأغلف القلب ، القليل العقل ، الجبان الرّذل.
فإن كنت صادقا فيما تسطر ، ويعينك عليه ابن أخي بني سهم (١) ، فدع النّاس جانبا وتيسّر لما دعوتني إليه من الحرب ، والصّبر على الضّرب ، واعف الفريقين من القتال ، ليعلم أيّنا المرين على قلبه ، المغطّى على بصره ، فأنا أبو الحسن ، قاتل جدّك وأخيك وخالك ، وما أنت منهم ببعيد » (٢).
وحكت رسالة الإمام عليهالسلام نزعات معاوية وصفاته الشريرة ، فليس له صفة شريفة ، وليس له قدم في الإسلام ، وإنّما له قدم ثابتة في الباطل والنفاق.
بعث معاوية رسالة للإمام قبل مسيره إلى صفّين ، وقد حملها أبو مسلم الخولاني ، وهذا نصّها :
من معاوية بن أبي سفيان إلى عليّ بن أبي طالب .. سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد .. فإنّ الله اصطفى محمّدا بعلمه ، وجعله الأمين على وحيه ، والرسول إلى خلقه ، واجتبى له من المسلمين أعوانا أيّده بهم ، وكانوا في منازلهم على قدر فضائلهم في الإسلام ، فكان أفضلهم في الإسلام ، وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة من بعده ثمّ خليفة الخليفة ، ثمّ الخليفة الثالث المظلوم عثمان ، فكلّهم حسدت ، وعلى كلّهم بغيت ، عرفنا ذلك في نظرك الشزر ، وقولك الهجر ، وتنفّسك الصعداء ، وإبطائك عن الخلفاء ، وأنت في كلّ ذلك تقاد كما يقاد البعير
__________________
(١) هو عمرو بن العاص وزير معاوية ، كانت امّه مشهورة بالبغاء.
(٢) جمهرة رسائل العرب ١ : ٤٢٧.