لعبد الله الزبير أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان :
سلام عليك ، أمّا بعد فإنّي قد بايعت لك أهل الشام فأجابوا واستوسقوا كما يستوسق الجلب ، فدونك الكوفة والبصرة ، لا يسبقك إليهما ابن أبي طالب ، فإنّه لا شيء بعد هذين المصرين ، وقد بايعت لطلحة من بعدك فأظهرا الطلب بدم عثمان وادعوا الناس إلى ذلك ، وليكن منكما الجدّ والتشمير ، أظفركما الله ، وخذل مناوئكما ...
ولمّا وصلت الرسالة إلى الزبير لم يملك صوابه من الفرح والسرور وخفّ مسرعا إلى طلحة يخبره بذلك ، فلمّا قرأ طلحة رسالة معاوية لم يشكّ هو والزبير في صدق هذا الذئب ، وتحفّزا بصورة جادّة إلى إعلان الثورة على الإمام لتكون لهما الخلافة بعد الإجهاز على حكومة الإمام ، وقد اتّخذا ـ كما عهد إليهما معاوية ـ دم عثمان بن عفّان شعارا لهما ... (١).
وتكشف هذه الصورة المؤسفة عن مدى ضعف الإيمان في نفوس القوم ، وتهالكهم على الحكم والسلطان ليتّخذاه وسيلة إلى التحكّم في رقاب المسلمين.
وقام ولاة عثمان بتجهيز جيش عائشة بالأموال التي نهبوها من الخزينة المركزية ، فجهّز يعلي بن اميّة ـ الذي كان واليا من قبل عثمان على اليمن ـ الجيش بستمائة بعير وستمائة ألف درهم (٢) وأمدّهم عبد الله بن عامر والي عثمان على البصرة بمال كثير كان قد اختلسه من بيت المال (٣) ، ولم يتحرّج أعضاء القيادة العامّة في جيش عائشة من هذه الأموال المحرّمة.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ٢٣١.
(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ : ١٠٦.
(٣) تاريخ ابن الأثير ٣ : ١٠٦.