واتّجه أبو الأسود صوب الزبير فكلّمه بناعم القول ، وذكر له ماضيه الزاهر وتجاوبه مع الإمام في يوم السقيفة قائلا :
يا أبا عبد الله ، عهد الناس بك ، وأنت يوم بويع أبو بكر آخذا بقائم سيفك تقول : لا أحد أولى بهذا الأمر من ابن أبي طالب ، وأين هذا المقام من ذاك؟
فأجابه الزبير بنفاق ومغالطة :
نطلب بدم عثمان ...
فردّ عليه أبو الأسود : أنت وصاحبك ـ يعني طلحة ـ ولّيتماه ـ يعني عليّا ـ فيما بعد. ولان الزبير لدعوة الحقّ ، واستجاب لنصيحة أبي الأسود إلاّ أنّه طلب منه أن يعرض الأمر على طلحة.
وأسرع أبو الأسود إلى طلحة ، وطلب منه الانصياع إلى الحقّ وجمع كلمة المسلمين ، فأبى وأصرّ على الغيّ والعدوان (١).
ورجع أبو الأسود ، وقد أخفق في وفادته ، فأخبر والي البصرة بفشله.
وجمع عثمان بن حنيف والي البصرة أصحابه فخطب فيهم قائلا :
أيّها الناس ، إنّما بايعتم الله ، ( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (٢).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٦٤.
(٢) الفتح : ١٠.