كلّ من طلحة والزبير وعائشة ، ولم يخف على سعد زيف ذلك ، فأجابه بهذه الرسالة :
أمّا بعد .. فإنّ أهل الشورى ليس أحد منهم أحقّ بها ـ أي بالخلافة ـ من صاحبه ، غير أنّ عليّا كان من السابقة ، ولم يكن فينا ما فيه ، فشاركنا في محاسننا ولم نشاركه في محاسنه ، وكان أحقّنا كلّنا بالخلافة ، ولكن مقادير الله تعالى التي صرفتها عنه ، حيث شاء لعلمه وقدره ، وقد علمنا أنّه أحقّ بها منّا ، ولكن لم يكن بدّ من الكلام في ذلك .. وأمّا التشاجر فدع ذا ، وأمّا أمرك يا معاوية ، فإنّه أمر كرهنا أوّله وآخره ...
وأمّا طلحة والزبير ، فلو لزما بيعتهما لكان خيرا لهما ، والله تعالى يغفر لعائشة أمّ المؤمنين (١).
وحكت هذه الرسالة اعتراف سعد بأنّ الإمام عليهالسلام أحقّ بالخلافة وأولى بها من غيره ، ولكنّ المقادير قد حالت بينه وبينها ... إنّ الذي حال بين الإمام والخلافة هي الضغائن والأحقاد القرشية التي تمثّلت في مؤتمر السقيفة والشورى ، وهتاف بعض الصحابة أنّه لا تجتمع النبوّة والخلافة في بيت واحد ... ومع اعتراف سعد بأنّ الإمام أولى بالخلافة فلم لم يبايعه في الشورى ، وفي هذه البيعة التي أجمع عليها المسلمون.
رأى معاوية أنّه لا يستطيع الوقوف أمام الإمام عليهالسلام إلاّ إذا انضمّ إلى جهازه داهية العرب عمرو بن العاص ، فراسله ومنّاه طالبا منه الحضور إلى دمشق ، فلمّا انتهت إليه رسالة معاوية استشار ولديه عبد الله ومحمّدا ، أمّا عبد الله فأشار عليه أن
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٠٤.