فأجابه الإمام بما انطوت عليه روحه الملائكيّة قائلا :
« يا بنيّ ، نحن أهل بيت الرّحمة والمغفرة ، أطعمه ممّا تأكل ، واسقه ممّا تشرب ، فإن أنا متّ فاقتصّ منه بأن تقتله ، ولا تمثّل بالرّجل فإنّي سمعت جدّك رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور ، وإن أنا عشت فأنا أعلم ما أفعل به فنحن أهل بيت لا نزداد على المذنب إلينا إلاّ عفوا وكرما ».
وهكذا نفسية هذا الإمام العظيم العفو والإحسان والبرّ بمن اعتدى عليه وظلمه.
وكانت العقيلة أمّ كلثوم غارقة في الأسى والشجون ، والتفتت إلى المجرم الخبيث ابن ملجم فقالت له :
« يا عدوّ الله ، قتلت أمير المؤمنين؟ ».
فردّها الأثيم بوقاحة وصلف :
لم أقتل أمير المؤمنين ولكن قتلت أباك ...
فأجابته حفيدة الرسول :
« إنّي لأرجو أن لا يكون عليه بأس ».
وسارع المجرم قائلا :
فلم تبكين إذا؟ عليّ تبكين؟
وراح ابن ملجم يقرح عواطفها وشعورها ويعلمها عن ضربته الغادرة للإمام قائلا : والله! لقد سمّمته ـ أي السيف ـ شهرا فإن أخلفني فأبعده الله سيفا وأسحقه (١).
__________________
(١) أنساب الأشراف ١ : ٢١٦.