وقد علم بإحاطة القوى المعارضة به ، وهي تهتف بسقوط حكمه ، أو قتله ، فلم يهب إلى نصرته حينما استجار به وتركه وحده بأيدي الثوّار حتّى أجهزوا عليه ، وقد اتّخذ من دمه وقميصه ورقة رابحة لنيل الملك والسلطان .. وقد فتحت له عائشة الباب على مصراعيه ومهّدت له الطريق في حربها للإمام ، فقد اتّخذت دم عثمان شعارا لها في مناهضة حكومة الإمام ، ومعاوية اقرب إلى عثمان من عائشة ، فهو أحقّ بالمطالبة بدمه والأخذ بثأره وراح يبني ملكه ويقيم دولته على المطالبة بدم عثمان ، واتّهام الإمام بأنّ له ضلعا في إراقة دمه ، وإيواء قتلته .. ومضافا لذلك ، فقد كان معاوية على علم لا يخامره شكّ أنّ الإمام لا يبقيه في منصبه لحظة واحدة ، وأنّه لا يتّخذ المضلّين عضدا ، ولا بدّ أن يصادر جميع أمواله التي اختلسها من بيت مال المسلمين.
وعلى أي حال فسوف نتحدّث عن بعض سياسته الماكرة والتي منها :
وجهد معاوية على خداع الوجوه والأعيان وإفسادهم ، وقد منّى بعضهم بالخلافة والبيعة له ، كما منّى آخرين بالوظائف المهمّة والثراء العريض ، وفيما يلي بعضهم :
من أضاليل معاوية ومكره أنّه كتب إلى الزبير قبل حرب الجمل يمنّيه بالخلافة ، ومن بعده تكون إلى طلحة ، فطار الزبير فرحا ، وكذلك طلحة ، وأعلنا التمرّد والعصيان على حكومة الإمام ، وقد عرضنا لذلك في البحوث السابقة.
وعرف معاوية امتناع عبد الله بن عمر عن بيعة الإمام واعتزاله عنها ، فراح