باحتلال مصر من قبل ابن العاص ، وأنّ عامله عليها محمّد بن أبي بكر قد قتل ، واحرقت جثّته فردّ جنده إلى الكوفة ، وخطب خطابا مثيرا نعى فيه تخاذل جيشه وخور عزائمهم ، وأبّن واليه على مصر محمّدا بتأبين أعرب فيه عن خسارته لمحمّد ، وتفجّعه عليه.
وعلى أي حال فإنّ احتلال مصر قد قوّى شوكة معاوية وبسط سلطانه وأضعف حكومة الإمام إلى حدّ بعيد ، وأشاع في جيشه التمرّد والعصيان.
رأى معاوية أنّ من أهمّ الوسائل لبسط سلطانه وإضعاف حكومة الإمام بعث الغارات العسكرية على المناطق الخاضعة لحكم الإمام وذلك لإظهار ضعفه وعدم قدرته على حماية المواطنين ، وعدم استطاعته على صيانة الأمن العام ، ومن بين المناطق التي استهدفها معاوية هي :
وبعث معاوية كتيبة من جنده تتألّف من ثلاثة آلاف جندي بقيادة الارهابي بسر بن أبي ارطاة للغارة على الحجاز واليمن ، واتّجه جنده نحو المدينة ، فلم يجد من أهلها أيّة مقاومة ، فصعد بسر المنبر ورفع عقيرته يندب شيخ الأمويّين عثمان بن عفّان ويشيع الفزع والرعب بين المدنيّين قائلا :
يا أهل المدينة ، والله! لو لا ما عهد إليّ معاوية ما تركت بها محتلما إلاّ قتلته ...
وغادر هذا الخبيث المدينة متوجّها إلى مكّة ، فاحتلّها وأخذ البيعة من أهلها لمعاوية قسرا ، ثمّ انعطف بعد ذلك إلى احتلال اليمن ، وكان واليها عبيد الله بن العباس فانهزم بنفسه ناجيا من شرّه ، قاصدا نحو الكوفة ليعرّف الإمام بذلك ، ولمّا دخل بسر اليمن أخذ البيعة من أهلها ، وفتّش عن طفلين لعبيد الله فلمّا ظفر بهما