إنّ الشيء المحقّق على خلاف ما ذكره الدكتور فإنّ أولياء دم الإمام لم يخالفوا وصيّة الإمام ، وإنّما نفّذوا فيه الإعدام لا غير ، وهم بعيدون كلّ البعد عن اقتراف ما خالف الشريعة الإسلامية مضافا إلى اختلاف المؤرّخين في من قام بالتمثيل وهو ممّا يدلّ على وضع ذلك.
وانبرى بعض أعلام الإسلام إلى تأبين الإمام وذكر الخسارة العظمى التي مني بها العالم الإسلامي كان منهم :
ولمّا وارى الإمام الحسن عليهالسلام جثمان أبيه المقدّس أقبل إلى الجامع الأعظم في الكوفة وقد احتفّ به اخوانه والبقيّة الصالحة من المهاجرين والأنصار ، فاعتلى أعواد المنبر فابتدأ بحمد الله والثناء عليه ثمّ قال :
« لقد قبض في هذه اللّيلة رجل لم يسبقه الأوّلون بعمل ولم يدركه الآخرون بعمل ، لقد كان يجاهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فيقيه بنفسه وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يوجّهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، لا يرجع حتّى يفتح الله على يديه.
لقد توفّي في هذه اللّيلة الّتي عرج فيها عيسى بن مريم ، وقبض فيها يوشع بن نون وصيّ موسى عليهالسلام ، وما خلّف صفراء ولا بيضاء إلاّ سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ، وقد أمرني أن أردّها إلى بيت المال » (١).
وتمثّلت صورة أبيه رائد العدالة الكبرى في الأرض فخنقته العبرة ، وأرسل ما
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٤٩٩.