المسلمين ، وقد أوفد مثل ذلك في حرب الجمل إلى عائشة وطلحة والزبير.
وعلى أي حال فهؤلاء التالية أسماؤهم وحديثهم قد أرسلهم الإمام إلى معاوية.
وفي طليعة رسل الإمام إلى معاوية عدي بن حاتم ، وهو من أفذاذ أصحاب الإمام ، فقد خاطب معاوية قائلا :
أمّا بعد .. فإنّا أتيناك لندعوك إلى أمر يجمع الله به كلمتنا وامّتنا ، ويحقن الله به دماء المسلمين ، وندعوك إلى أفضلهم سابقة وأحسنهم في الإسلام آثارا ، وقد اجتمع له الناس وقد أرشدهم الله بالذي رأوا فأتوا فلم يبق أحد غيرك ، وغير من معك ، فأت يا معاوية! من قبل أن يصيبك الله وأصحابك بمثل يوم الجمل ...
وحفل كلام عدي بالدعوة إلى السلم والحفاظ على دماء المسلمين وجمع كلمتهم ، والدخول فيما دخل فيه المسلمون من البيعة الشاملة للإمام عليهالسلام.
وثار معاوية وتميّز غيظا من نصح عدي له ، فقال له :
كأنّك إنّما جئت متهدّدا ، ولم تأت مصلحا ، هيهات يا عدي! كلاّ والله! إنّي لابن حرب ما يقعقع لي بالشنآن (١) أما والله! إنّك لمن المجلبين على ابن عفّان ، وإنّك لمن قتلته ، وإنّي لأرجو أن تكون ممّن يقتله الله ، هيهات يا عدي! قد حلبت بالساعد الأشد ...
وليس في كلام معاوية أيّة رغبة في الصلح وحقن الدماء ، وإنّما كان مصرّا على
__________________
(١) الشنآن : جمع شن ، وهو القربة الخلق يحرّكونها إذا أرادوا الحثّ على السير ، مجمع الأمثال ـ الميداني ٢ : ١٩١.