له : يا قاتل الأحبّة ، أيتم الله بنيك كما أيتمت بني ، وكانوا قد قتلوا في المعركة ، فأعرض عنها ، ولم يجبها بشيء ، ومضى حتى دخل على عائشة ، فقالت له : ملكت فأسجح (١).
وأمرها الإمام بمغادرة البصرة ، وأن تقرّ في بيتها كما أمرها الله ورسوله ، ولمّا قفل راجعا استقبلته صفيّة بمثل ما قالت له أوّلا فردّ عليها الإمام قائلا :
« لو كنت قاتل الأحبّة لقتلت من في هذا البيت ».
وأشار الإمام إلى بعض البيوت ، وقد كمن فيه كثير من الجرحى فسكتت صفيّة وخافت عليهم ، وأراد من كان مع الإمام البطش بهم فنهاهم عن ذلك.
لقد منح الإمام العفو العامّ لألدّ أعدائه وخصومه الذين ناجزوه الحرب ، وخلعوا يد الطاعة ، فلم يقابلهم بأيّ لون من ألوان العنف.
وعهد الإمام عليهالسلام إلى ابن عبّاس أن يأتي إلى عائشة ويأمرها بالرجوع إلى بيتها في المدينة ، فاستأذن عليها فأبت أن تأذن له ، فدخل عليها بلا إذن ، ومدّ يده إلى وسادة في البيت فجلس عليها فأنكرت ذلك ، وقالت له :
أخطأت السّنة مرّتين : دخلت بيتي بغير إذني ، وجلست على متاعي بغير أمري ..
فردّ عليها ابن عبّاس بمنطقه الفيّاض قائلا :
والله! ما بيتك إلاّ الذي أمرك الله أن تقرّي فيه .. إنّ أمير المؤمنين يأمرك أن ترجعي إلى بلدك الذي خرجت منه ..
__________________
(١) التمثيل والمحاضرة : ٣٩.