ويجتنب الخداع والتضليل ، ولم تنفع مواعظ الإمام مع هذا الإنسان الممسوخ الذي ران الباطل على قلبه فأنساه ذكر الله ولم يعد أي بصيص من النور في ضميره.
ولم يعن معاوية بوعظ الإمام ونصيحته ، وإنّما عمد إلى السباب والتهديد فقد أجابه :
أمّا بعد : فقد وقفت على كتابك ، وقد أبيت على الفتن إلاّ تماديا ، وإنّي لعالم أنّ الذي يدعوك إلى ذلك مصرعك الذي لا بدّ لك منه ، وإن كنت موائلا فازدد غيّا إلى غيّك ، فطالما خفّ عقلك ، ومنّيت نفسك ما ليس لك ، والتويت على من هو خير منك (١).
ثمّ كانت العاقبة لغيرك ، واحتملت الوزر بما أحاط بك من خطيئتك والسلام (٢).
حكت هذه الرسالة تمادي معاوية بالإثم والعدوان وإصراره على الغيّ.
وأجاب الإمام عليهالسلام معاوية بهذه الرسالة :
« أمّا بعد فإنّ ما أتيت به من ضلالك ليس ببعيد الشّبه ممّا أتى به أهلك وقومك الّذين حملهم الكفر ، وتمنّي الأباطيل على حسد محمّد صلّى الله عليه وسلّم حتّى صرعوا مصارعهم حيث علمت ، لم يمنعوا حريما ، ولم يدفعوا عظيما ، وأنا صاحبهم في تلك المواطن ، الصّالي (٣)
__________________
(١) عرض معاوية إلى موقف الإمام عليهالسلام من بيعة أبي بكر وشجبه لها.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٤ : ٥٠.
(٣) صلي النّار كرضي ، وصلي بها : قاسى حرّها.