إن تمّ اعتزلك كلّه ، وإن نقص لم يلحقك ثلمه ، وما أنت والفاضل والمفضول ، والسّائس والمسوس ، وما للطّلقاء وأبناء الطّلقاء والتّمييز بين المهاجرين الأوّلين ، وترتيب درجاتهم ، وتعريف طبقاتهم؟!
هيهات لقد حنّ قدح (١) ليس منها ، وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها! ألا تربع أيّها الإنسان على ظلعك ، وتعرف قصور ذرعك ، وتتأخّر حيث أخّرك القدر! فما عليك غلبة المغلوب ، ولا لك ظفر الظّافر ، وإنّك لذهّاب في التّيه (٢) ، روّاغ عن القصد ، ألا ترى ـ غير مخبر لك ، ولكن بنعمة الله احدّث ـ أنّ قوما استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار ، ولكلّ فضل حتّى إذا استشهد شهيدنا قيل سيّد الشّهداء ، وخصّه رسول الله صلىاللهعليهوآله بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه (٣)!
أولا ترى أنّ قوما قطّعت أيديهم في سبيل الله ولكلّ فضل حتّى إذا فعل بواحدنا ما فعل بواحدهم ، قيل الطّيّار في الجنّة (٤) وذو الجناحين! ولو لا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه ، لذكر ذاكر (٥) فضائل جمّة تعرفها قلوب المؤمنين ، ولا تمجّها آذان السّامعين.
فدع عنك من مالت به الرّميّة ، فإنّا صنائع ربّنا ، والنّاس بعد
__________________
(١) حنّ : هو الصوت. القدح : أحد أقداح الميسر ، فإذا كان من غير جنسها ثمّ أجاله المفيض ...
(٢) التيه : الضلال والكبر.
(٣) خصّ النبيّ صلىاللهعليهوآله عمّه الشهيد حمزة بسبعين تكبيرة على جثمانه المقدّس.
(٤) هو الشهيد العظيم جعفر الطيّار.
(٥) يعني بذلك نفسه العظيمة التي هي مجمع الفضائل التي خلقها الله تعالى.