يخطب ودّه ، ويمنّيه بالإمارة ، ويطلب منه الانضمام إليه ، وكتب إليه هذه الرسالة :
أمّا بعد .. فإنّه لم يكن أحد من قريش أحبّ إليّ من أن يجتمع الناس عليه منك بعد عثمان ، فذكرت خذلك إيّاه ، وطعنك على أنصاره ، فتغيّرت لك ، وقد هوّن عليّ ذلك خلافك على عليّ ، وطعنك عليه ، وردّني إليك بعض ما كان منك ، فأعنّا يرحمك الله على حقّ هذا الخليفة المظلوم ، فإنّي لست اريد الإمارة عليك ، ولكنّي اريدها لك ، فإن أبيت كانت شورى بين المسلمين ..
وحكت هذه الرسالة خداع معاوية لابن عمر ، فقد منّاه بالخلافة ، والحكم على المسلمين ، وعلّق عبد الكريم الخطيب على هذه الرسالة بقوله : « والكتاب جدير بأن يكون من معاوية ، فما أحد يحسن هذا النمط من الحديث إلى الناس مثل معاوية يلقى كلّ إنسان بما يناسبه ، ويجيء إليه من حيث يجد الطريق إلى قلبه وعقله جميعا.
وأضاف يقول :
بل هو ذا يعود إلى ابن عمر راضيا غاية الرضا حين يذكر له خلافه على عليّ وطعنه عليه ، وتلك من ابن عمر تثلج صدر معاوية وتعطفه عليه.
وختم الخطيب قوله : سياسة ودهاء ، وبصر نافذ لا يكون إلاّ من معاوية ... (١).
ورفض ابن عمر طلب معاوية وأجابه عن رسالته بهذه الرسالة :
أمّا بعد : فإنّ الرأي الذي أطمعك فيّ هذا هو الذي صيّرك إلى ما صيّرك ، تركت عليّا في المهاجرين والأنصار ، واتّبعتك فيمن اتّبعك.
وأمّا قولك : إنّي طعنت على عليّ فلعمري ما أنا كعليّ في الإسلام والهجرة ومكانه من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولكن حدث أمر لم يكن إلينا فيه من رسول الله صلىاللهعليهوآله عهد ،
__________________
(١) علي بن أبي طالب بقيّة النبوّة وخاتم الخلافة : ٤٠٢.