أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣))
٧٨ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ ...) من النّعم الّتي أودعها الله سبحانه في الهيكل البشريّ قوّة السمع والبصر ، وتقديم السّمع على البصر لأهميّته وأشرفيّته عليه كما عليه المحققون من الأعلام ، ولعل ذلك بمرتبة من الوضوح بحيث لا يحتاج الى التّوضيح ويفهمه الإنسان بأدنى توجّه وتفكّر (وَالْأَفْئِدَةَ) وهذه جمع فؤاد وهو القلب الذي هو من تلك النّعم المودعة المنشأة ولولاها لفسدت جميع الجوارح وانعدمت القوى كلها ، فهي سلطانها وركن أركانها كما في علم التّشريح. وحاصل تلك الكريمة أنه تعالى على سبيل الالتفات من الغيبة إلى الخطاب توبيخا وتقريعا يقول : نحن الّذين أنعمنا عليكم بالسّمع والبصر والفؤاد حتى تسمعوا به ما يقرأ أنبياؤنا المرسلون عليكم من آياتنا وكتبنا النازلة إليهم ، وتنظروا إلى معاجزهم وخوارق عاداتهم ، ثم بعد ذلك تتفكّروا في آياتنا البيّنة ومعاجزنا الباهرة فتستدلّوا على وجود صانع حكيم تفرّد في وحدانيته وقدرته. فإذا استعملتم تلك الحواس فيما هو مؤدّ إلى المعرفة بما قلنا فأنتم من الشاكرين لأنعمنا بتمام الشكر وكماله ، وإلّا لم تكونوا من الشاكرين أصلا أو (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) وقليلا صفة لمفعول مطلق مقدّر ، و (ما) زائدة للمبالغة في قلة الشكر أو مقحمة لنفي الشكر ، أي لا تشكرون ولو شكرا قليلا.
٧٩ ـ (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ ...) أي أوجدكم وأنشركم بالتّناسل في أرضه (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي إليه تبعثون في يوم الحشر وتجمعون عنده للحساب والجزاء.
٨٠ ـ (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ...) أي اختلافهما بالازدياد والانتقاص فذلك يختص به تعالى ولا يقدر على ذلك أحد ، وتقديم الجارّ الإفادة الحصر والاختصاص (أَفَلا تَعْقِلُونَ) اي لم لا تتعقلون