٢٢ ـ (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ ...) قيل إنّه إنكار للمنّة أصلا فكأنّه قال : أو هذه الهمزة همزة توبيخ تلك نعمة تمنها عليّ بأن ربّيتني في حجرك مع أنك استعبدت قومي بني إسرائيل؟ هذه ليست بنعمة مهنأة حتى تمنّ بها عليّ بل هي نقمة في مقابل تلك التعذيبات التي لاقوها منك. أو المراد أن استعبادك لبني إسرائيل وذبح أولادهم وفتق بطون نسائهم صارت سببا لقذف أمّي ايّاي في اليمّ فلفظني اليمّ إلى قصرك وأخذتني لتتبنّاني فلا يكون لهذه التربية قدر عندي حتى تمنّ بها عليّ. ثم أخذ فرعون في بيان السؤال عن حقيقة المرسل وماهيته تهكّما أو استعلاما فقال :
* * *
(قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦) قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧) قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨))
٢٣ ـ (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ...) أي أيّ شيء هو من حيث الحقيقة والماهيّة ، فإن موسى وهارون قالا : إنّا رسول ربّ العالمين ، فقال فرعون : من أي جنس ربّكم الذي تدعوني الى عبادته؟ أمن ذهب أو من فضّة أو غيرهما من الأجناس؟ فإن فرعون وأتباعه من القبطيّين قبل أن يتحدّاهم بالألوهيّة ويدعوهم إلى طاعته كانوا عابدين للأصنام التي هي من الأجناس المختلفة. ولما كان ذهنه مشوبا بتلك الخرافات سأل ما سأل ، فأجابه موسى عليهالسلام قائلا :