لعملوا ولكن للأسف لا يهتدون وهيهات أن يهتدوا لما يدفع عنهم العذاب. ويحتمل أن يكون (لَوْ) للتمنّي ، أي تمنّوا أنهم كانوا مهتدين إلى مدافع وناصر ينصرهم من عذاب الله.
٦٥ ـ (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ...) أي أذكر يا محمد يوم يناديهم الله فيقول (ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) بأيّ شيء أجبتم الأنبياء حين دعوكم؟ وهذا سؤال تبكيت وتقريع لتكذيبهم الرّسل وتقرير بالذنب حيث إن الحجة كانت تامة عليهم فلم يقبلوها فالعذاب عذاب استحقاق وعدل.
٦٦ ـ (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ ...) أي خفيت ولم يدروا بما ذا يجيبون ، فعجزوا عن الجواب ، كالأعمى الذي يعجز عن الاهتداء لطريقه المقصود ويتحيّر في الطريق ولم يدر لأيّ صوب يمشي ويذهب. ولذا عبّر بقوله (فَعَمِيَتْ) وهذا التعبير في هذا المقام أحسن تعبير يكشف عن غاية الفصاحة بلفظ موجز متضمّن المعاني الدقيقة المعبّرة عن نهاية التحيّر والعجز الذي لا يتصوّر فوقه. ومنها الكشف أنهم كانوا في الدنيا عمي القلوب فحشروا على ما كانوا ، فإن يوم القيامة يوم كشف الأستار ومنها مسألة التشبيه ، بيان ذلك أن الأعمى لو خلّي وطبعه يكون ضيّق الخلق فاقد النشاط والسّرور حيث يدري أن الناس متمتّعون بأبصارهم ينظرون إلى الدنيا وما فيها من أمتعتها وحليّها وحللها وألوانها ومختلف الخلائق فيها ، وهو محروم من جميع ذلك كلّه ، وكذلك الظّلمة فلا فرح لهم ولا سرور بل لا يزالون مهمومين مغمومين ، وكذلك الكفرة فإنهم يرون أهل الجنّة متنعمين فرحين نشطين مسرورين بما آتاهم الله جزاء بما عملوا في الدنيا ويرون أنفسهم معذّبين وفي النار خالدين ، فكيف يكونون مسرورين؟ (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) أي لا يسأل بعضهم بعضا عن الجواب لدهشتهم التي عرضت لهم في ذلك الموقف الخطير الذي يذهل الرّسل عن الجواب على مثل هذا السؤال ، فما ظنك بالضّلال والكفّار.
٦٧ ـ (فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ ...) أي تاب من الشرك وآمن بالله ورسوله