(وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) حيث إن المراد بالذي بين يديه هو التوراة والأناجيل ، واليهود كانوا مؤمنين بالإنجيل ظاهرا والإنجيل دالّ على البعث فهم لا ينكرونه (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي في موضع الحساب (يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ) أي يتحاورون ويتراجعون بالقول ويتبادلونه في مقام الجدل بعض مع بعض و (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) أي الأتباع (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) أي القادة (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) فأنتم منعتمونا من الإيمان بالله وبالرّسول وصددتمونا عن الهدى.
٣٢ ـ (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى ...) أي قال المتبوعون والقادة للأتباع على طريق الإنكار : أنحن صددناكم؟ أي لم نصدّكم نحن عن قبول الهدى (بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ) الهدى (بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ) فأنتم باختياركم كفرتم حيث أعرضتم عن الهدى وآثرتم الضلالة عليه.
٣٣ ـ (وَقالَ ...) بل مكر اللّيل والنّهار ... أي قال الأتباع للمتبوعين مكركم لنا دائبا ليلا ونهارا صدّنا عن هدايتنا إلى الإيمان. وهذا إضراب عن إضرابهم. وذلك كان (إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ) أي أنتم كنتم قوّادنا ورؤساءنا وكنّا من رعاياكم المأمورين بأوامركم المنتهين بنواهيكم ، وقد كنتم تأمروننا بأن نكفر بالله (وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً) أي شركاء ولو لا أنتم لكنّا مؤمنين موحّدين (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) أي أخفاها الفريقان خوف الفضيحة والتّعيير ، وقيل أظهروا الندامة لأن صيغة أسرّ مما يفيد الأضداد حيث إنّ الهمزة لها الصّلاحيّة للإثبات والسّلب. وقيل إن ضمير أسرّوا راجع إلى القادة المتبوعين يعني هم أخفوا من الأتباع ندامتهم على إضلالهم حينما رأوا العذاب وشاهدوه خوف التعيير (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ) ، الآية ... إيراد المستقبل بلفظ الماضي لتحقّق وقوع الفعل فإنّهم بحكم من وضع الغلّ في عنقه (هَلْ يُجْزَوْنَ) الاستفهام للإنكار أي : (لا يجزون إلا ما كانوا يعملون) ثم إنّه سبحانه تسلية للنبيّ الأكرم صلّى الله