مشاركة له تعالى (بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي الغالب بقدرته الحكيم في تدبيره ، والأصنام متّسمة بالذّلة ، متباينة عن قبول العلم والقدرة رأسا حيث إنها جماد والجماد قاصر بالذات عن قبول العلم والقدرة فكيف تكون شركاء لمن ذاته علم وقدرة وحكمة ، إلى آخر صفاته الثبوتيّة التي هي عين ذاته كما بيّن وحقّق في مقامه؟
ثم بيّن سبحانه تحقّق نبوّة نبيّه على سبيل العموم بقوله تعالى وتقدسّ :
٢٨ ـ (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ...) : أي إلّا لرسالة عامة على جميع البشر من الأبيض والأسود والأحمر. وعن ابن عبّاس عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : قال أعطيت خمسا ولا أقول فخرا. بعثت إلى الأحمر والأسود وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا ، وأحلّ لي الغنم ولم يحلّ لأحد قبلي ، ونصرت بالرّعب فهو يسير أمامي مسيرة شهر ، وأعطيت الشفاعة فادّخرتها لأمّتي يوم القيامة. وذكر القميّ عن الصّادق عليهالسلام أنّه قال لرجل : أخبرني عن الرّسول كان عامّا للنّاس؟ أليس قد قال الله عزوجل في محكم كتابه : وما أرسلناك إلّا كافّة للنّاس لأهل المشرق والمغرب وأهل السّماء والأرض من الجنّ والإنس؟ هل بلّغ رسالته إليهم كلّهم؟ قال : لا أدري. قال : إنّ رسول الله لم يخرج من المدينة فكيف أبلغ أهل الشّرق والغرب؟ ثم قال : إنّ الله تعالى أمر جبرائيل فاقتلع الأرض بريشة من جناحه ونصبها لرسول الله صلىاللهعليهوآله فكانت بين يديه مثل راحته في كفّه ينظر إلى أهل الشرق والغرب ويخاطب كلّ قوم بألسنتهم ويدعوهم إلى الله عزوجل وإلى نبوّته بنفسه فما بقيت قرية ولا مدينة إلّا ودعاهم النبيّ صلىاللهعليهوآله بنفسه.
٢٩ ـ (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ ...) أي الموعود بقوله (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا) فأين هو (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم ، والمخاطب هو النبيّ وأهل الإيمان ، ويحتمل أن يكون الاستفهام للتهكّم.