الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠))
٨ ـ (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ...) أي في أمرها فإنها أقرب شيء إليهم وفيها ما في العالم الأكبر من عجائب الصّنع فلو كانوا يتفكّرون فيها لعلموا ولتحقق لهم أن قدرة مبدعها على إعادتها ، هي قدرته على إبداعها بل أسهل فلم يخلق السماوات والأرض (إِلَّا بِالْحَقِ) قيل معناه : إلّا للحق ، أي لاقامة الحق ومعناه للدلالة على الصّانع والتعريض للثواب ويحتمل أن يكون المعنى : إلّا لغرض صحيح وحكمة بليغة وهو الاستدلال بها على التوحيد بعد إثبات الصّانع بها والدلالة على قدرته الكاملة البديعة ، لا أن خلقتها باطل وعبث تعالى الله عن ذلك (وَأَجَلٍ مُسَمًّى) تنتهي عنده ولا تبقى بعده. وهو عطف على (بِالْحَقِ) والمراد به هو يوم القيامة الّذي تفنى فيه السّماوات والأرض مع ما فيهما وما بينهما. وهذا نوع من التنبيه ، ونوع آخر من التّنبيه هو قوله سبحانه :
٩ ـ (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ...) الاستفهام للتقرير ، يعني لا بدّ من السير فيها لينظروا إلى مصارع عاد وثمود وأهل الأيكة وغيرها من آثار المدمّرين قبلهم حينما يسافرون للتجارة فيروا (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) هذا بيان لنتيجة سيرهم ليعتبروا بذلك حيث إنّهم كانوا أشدّ منهم من جميع الجهات ، وقد أشار تعالى إلى أنهم كانوا أشدّ (قُوَّةً وَأَثارُوا