الجن بعلاج الشّعر فعملوا لها النّورة والحمّام (قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ) أي قال سليمان إن ما تظنّيه ماء بناء مملّس من الزجاج. فلما رأت سليمان وكان مهيبا ذا جلالة (قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) بعبادتي في تلك المدة المديدة لغيرك عن جهل وضلالة (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) كلمة (مع) اسم يستعمل مضافا وله حينئذ ثلاثة معان : الاجتماع كقوله : (الله معكم أينما كنتم) ، والمصاحبة كقوله : افعل هذا مع هذا ، وزمان الاجتماع كقوله : جئتك مع العصر. وقيل بمعنى (عند) تقول جئت مع القوم أي عند مجيئهم. وفي الشّريفة للمصاحبة أي أسلمت بمصاحبة سليمان ومرافقته وإمداده وتسبيبه لتشرّفي بالإسلام ، ولولاه لما وفّقت بهذا التوفيق. واختلف في أمرها بعد ذلك فقيل إنه عليهالسلام تزوّجها وأقرّها على ملكها ، وقيل إنّه وكل أمرها إليها في التزويج فاختارت ملكا يقال له تبّع بعد أن يئست من تزويجه عليهالسلام إياها ، وعلى الأوّل كان عليهالسلام يزورها في كل شهر مرّة ويبقى عندها ثلاثة أيّام أداء لحقها. ثم عطف سبحانه على قصة سليمان قصة صالح عليهالسلام ، فقال :
* * *
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥) قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (٤٧))
٤٥ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ ...) أي إلى قبيلة ثمود (أَخاهُمْ صالِحاً) أخاهم في النّسب لأنه عليهالسلام مع القبيلة كانوا أبناء أب واحد (أَنِ