خلقنا ونبعث. والاستفهام إنكاريّ ، أي لا يكون ذلك أبدا (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) في كتاب التّوحيد عن أمير المؤمنين عليهالسلام يعني البعث ، فسمّاه الله عزوجل لقاءه وهذا من باب تسمية الشيء باسم لازمه. وقوله (بَلْ هُمْ) الآية إضراب عن قولهم بإنكار البعث إلى ما هو أبلغ في كفرهم من الجحود والإلحاد والإنكار بكلّ ما يكون مما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله من البعث والثواب والعقاب والصراط والميزان والحساب وغيرها من أحوال يوم القيامة وأهوال القبر وملك الموت ، ولذا خاطبهم الله سبحانه بقوله : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) أي يقبض أرواحكم ويستوفي نفوسكم بحيث لا يبقي منها شيئا ولا يترك منكم أحدا (الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) أي فوّض إليه قبض أرواحكم وإحصاء آجالكم (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) للحساب والجزاء. وإسناد رجوع العباد إلى نفسه المقدّسة للتّعظيم والتفخيم.
١٢ ـ (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ ...) أي مطأطئي رؤوسهم من الذّل خجلا وندامة (عِنْدَ رَبِّهِمْ) في موقف القيامة عند عرض الأعمال ، وهو تعالى يتولّى حساب العباد بعضا منهم أو جميعا بنفسه أو بالتسبيب في محضره وهو مشرف على المحاسبين. ولعلّه يشير إلى هذا (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ)(رَبَّنا أَبْصَرْنا) أي قائلين ربّنا أبصرنا ما وعدتنا (وَسَمِعْنا) منك تصديق رسلك (فَارْجِعْنا) إلى الدنيا (نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) إذ لم يبق لنا بعد هذا اليوم شكّ وشبهة بما شاهدناه.
١٣ ـ (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها ...) أي ما يهتدى به إلى الإيمان والعمل الصالح بالقسر والإلجاء أو بالتوفيق ، ولكنّه لما كان مقتضى التكليف خلاف ذلك لأن المكلّف لا بدّ من أن يختار الإيمان باختياره ولا يسلك طريق الكفر التي هي غاية أمنيّة هوى نفسه فيستحق بذلك العذاب الشديد كما أشار بقوله عزوجل (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) أي ثبت قضائي