٢٤ ـ (قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) عرّفه بأظهر صفاته وآثاره المتضمّنة لكمال قدرته التي يعجز عنها من سواه ، فهو ربّهما (وَما بَيْنَهُمَا) أي خالق جميع ذلك ومالكه (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) إذا كنتم تصدّقون وتتحقّقون الأمر لإزاحة الشك ولحصول العلم عن نظر واجتهاد. فإن الإيقان من اليقين الذي هو إزاحة الشك وتحقيق الأمر. وجاء بمعنى العلم الحاصل عن نظر أو استدلال. والحاصل أنه إن كنتم من أهل العلم والنظر والتحقيق فهذا ربّي. ولم يعتن موسى بما سأله حيث إنه تعالى ليس بجسم ، بل أجابه بصفاته الرّبوبية الدالّة على وحدانيّته.
٢٥ ـ (قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ؟ ...) أي قال فرعون لوزرائه وأعوانه وخاطب حاشيته وأشراف قومه : ألا تسمعون مقالة موسى الذي سألته عن ماهية ربّه وحقيقته فذكر أفعاله. ومخاطبته هذه كانت في مقام التعجّب وفي مقام إفهامهم بأنه عجز عن الجواب.
٢٦ ـ (قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ...) فأجاب موسى ثانيا برفق وهدوء تأكيدا للحجة مقرّرا أن الله تعالى هو ربّكم وربّ آبائكم السابقين ، فانتقل إلى ما هو الأظهر للناظر وأقرب إليه لأن كل إنسان يعتقد أن الله تعالى هو خالقه وربّه. فقال فرعون غيظا وتهكّما :
٢٧ ـ (قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ...) لا يخفى أن تسمية فرعون لموسى رسولا كان من باب الاستهزاء والسخرية ، وبالخصوص مع التكرار حيث إنه لم يكن معتقدا بالإرسال ولا بالمرسل ولا بمن هو مرسل إلى الناس ، ولذلك وصفه بالجنون وأنه لا يجيب على ما يطابق السؤال. فلمّا سمع موسى منه هذه النسبة لم يعتن بقوله بل أكّد الحجة على مدّعاه فقال متمّما :
٢٨ ـ (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما ...) أي أن ربّي هو الربّ الذي يجري النيّرات من مشارقها إلى مغاربها على نظام مستقيم ووفق نسق واحد