نفوسهم (وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) أي دين الله المحمود ، أو طريق المحل المحمود وهو الجنة. والحاصل أن الله تعالى أنعم على المؤمنين بأربعة أشياء أو خمسة : المسكن جنات تجري الآية ، الثاني الحلية والزينة يحلّون فيها إلخ والثالث اللّباس : لباسهم فيها حرير والرابع : الهداية الى القول الطيب ، الخامس : الهداية إلى الجنة. وهذه أنعم النعم وأحسنها اللهم ارزقنا.
٢٥ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) ثم إنه تعالى بعد بيان حال الخصمين في القيامة أخذ في الإخبار عن صفات الكفرة الذميمة بقوله (يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي يمنعون الناس عن طاعة الله وعطف المضارع على الماضي للدّلالة على الاستمرار ، فالمعنى أنهم مستمرّون على الصّد لم يزلوا ولا يزالون مانعين عن طريق الحق ، لا أن المراد به الحال فقط أو الاستقبال حتى لا يكون عطفه على الماضي غير مستحسن. ويحتمل كون الجملة حالا عن فاعل كفروا ، وحذف خبر (إِنَ) لدلالة آخر الآية عليه أي : معذبون. قال ابن عباس نزلت الآية في أبي سفيان بن حرب وأصحابه حين صدّوا رسول الله وأصحابه عام الحديبيّة عن المسجد الحرام وعن أن يحجّوا أو يعتمروا وينحروا الهدي ، فكره رسول الله صلىاللهعليهوآله قتالهم وكان محرما بعمرة. ثم صالحوه على أن يعود في العام القابل (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) عطف على سبيل الله أي عن المسجد الحرام (الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً) سواء بالرفع خبر مقدم (الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) أي المقيم في مكّة والغريب مساويان في القبلة أو في الأمن من القتل والأسر. وعن ابن عباس وقتادة أن المراد بالسويّة في السّكنى والنّزول في منازل مكة ، وليس لأحد من أهل مكة أن يصدّ أو يمنع البعيد الذي خارج الحرم. نعم ليس للخارج أن يخرج من سبقه إلى مكان ومنزل ، فالسابق أحقّ به من غيره فمكة بجميعها في حكم المسجد. والمراد بالمسجد الحرام هو مكة بتمامها كما في قوله تعالى : (أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ