سبحانه ، ولكنّ الآخرة خصّت تفضيلا لها على الدنيا الزائلة ، ولأنها تصل إلى العباد بلا واسطة بخلاف النّعم الدنيويّة التي تتقدّم على الأخرويّة حيث إنّ الدّنيا مقدّمة على العقبى. وتقديم الصلة في الثاني لما قلناه من اختصاصه تعالى في الإيصال بخلاف الأول (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في تدابيره (الْخَبِيرُ) بخلقه بجميع جهاتهم وشؤونهم.
٢ ـ (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ ...) أي يعرف ما يدخل فيها مثل المطر والحشرات والكنوز والأموات (وَما يَخْرُجُ مِنْها) من المياه والفلزّات والنباتات (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) كالأمطار والأرزاق والحوادث والكتب السماوية والصواعق والثلوج وغيرها من النوازل (وَما يَعْرُجُ فِيها) أي وما يصعد إليها مع الملائكة وأعمال العباد ودعواتهم وأرواحهم الطيّبة والأبخرة ونحوها (وَهُوَ الرَّحِيمُ) في إعطاء النّعم الشّفوق على العباد بإتمامها عليهم (الْغَفُورُ) للمقصّرين والمذنبين ولمن لم يؤدّوا شكر النعمة وقصّروا في الوظيفة.
* * *
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٣) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (٥) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦))