الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) فأهل السّماوات والأرض ثابتون فيهما ولا يخرجون إلى غيرهما ما دام لم يدعكم الدّاعي ، فإذا دعاكم إذا تخرجون من الأرض أي من أجداثكم بغتة وبلا توقّف. والمراد بالدّعوة دعوة إسرافيل بالنفخة الأخيرة للحضور في المحشر لثواب الأعمال أو عقابها. وعن ابن عباس : يأمر الله سبحانه إسرافيل فينفخ في الصّور فيخرج الخلائق كلهم من قبورهم أحياء. وعبّر بالدّعاء إذ هو بمنزلة الدعاء وبمنزلة كن فيكون في السّرعة وامتناع الاعتذار بالبطء. ثم إن القيام في الآية إذا كان بمعنى الوقوف والثبوت أي وقوفهما واستقرارهما معلّقين بلا اعتمادهما على شيء ولا تعلّقهما بشيء من آياته الكبرى. فالآية ظاهرة على بطلان القول بالحركة الرّحويّة كما يقول بها بعض الفلاسفة من القدماء ، وإن كان بمعنى الانتصاب وارتفاعهما في الفضاء معلّقتين فإن ذلك يتلاءم مع القولين ويحتملهما. ثم إنّه تعالى بعد بيان الأدلة الدالة على التّوحيد الذي هو الأصل الأوّل ، وعلى الحشر والبعث الذي هو الأصل الآخر ، أشار بأنه المالك للعوالم الإمكانيّة بحذافيرها بقوله عزّ من قائل :
* * *
(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ