يكون إخبارا عن أمور ستأتي وهو إخبار بالغيب أو معجزة له تعالى. وقيل إن هذه الحروف كانت مقسما بها لكونها مبادئ لأسماء عظيمة ، فقيل إن الألف إشارة لاسم الله تعالى ، واللّام لاسم جبرائيل ، والميم إلى محمّد صلىاللهعليهوآله. والمعنى أقسم بهذه الأسماء والحروف أن الرّوم تغلب بفارس والمسلمين. والتعبير بالماضي مع أنّ مغلوبيّتهم كانت بعد زمان نزول الآية لكونها محقّقة الوقوع. وقد تمت الغلبة عليهم (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) أي أقرب أرض العرب من أرض الروم كبلادكم وفلسطين ، أو المراد أقرب أرض الرّوم إلى فارس نحو كسكر أو الجزيرة فإنّهما من أقرب أراضي الشام إلى فارس فإنها كانت في تلك العصر من توابع أرض الرّوم. فالألف واللّام عوض عن المضاف إليه أي في أدنى أرضهم إلى أرض عدوّهم (وهم) أي الروم (مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) انكسارهم (سَيَغْلِبُونَ) يعودون فينتصرون (فِي بِضْعِ سِنِينَ) وبضع تدل على ما بين الثلاث إلى التسع سنين أو إلى العشر ، ثم يكون (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) أي قبل غلبتهم وبعدها. وهذه من الآيات الدالّة على أن القرآن من عند الله عزّ وعلا لأن فيه أنباء ما سيكون في المستقبل الذي لا يعلمه غيره سبحانه وتعالى. وقرئت الأفعال على البناء للمجهول وحينئذ ينعكس التفسير والله أعلم.
والحاصل أنّه ليس شيء منهما إلّا بقضائه وقدره عزّ وعلا. وفي الخرائج عن الزكيّ عليهالسلام أنّه سئل عنه فقال : له الأمر من قبل أن يأمر به ، وله الأمر من بعد أن يأمر به ، يقضي بما يشاء (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ) أي يوم غلبة الروم على الفرس يسرّ أهل الإيمان بإعانة الله لنبيّه صلىاللهعليهوآله بإظهار صدق نبيّهم فيما أخبر به وبإرغام أنف أعدائه صلىاللهعليهوآله من مشركي أهل مكّة ، أو يسرّوا لغلبة الروميّين على الفرس لأنهم كانوا نصارى وأهل كتاب ، والفرس كانوا مجوسا وما كانوا من أهل كتاب ولا أرسل إليهم نبيّ. فمن ناحية الاشتراك في الكتاب كانوا بغلبتهم فرحين مستبشرين كما أن المشركين صاروا حين غلبة الفرس على الرّوم فرحين بهذه المناسبة وقالوا إنّ الفرس مثلنا أميّون فهم منّا ونحن منهم