٦٢ ـ (قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ...) أي قال موسى ثقة بنصر الله : (كَلَّا) هذه ردع ، أي لن يدركونا ولا يكون ما تظنّون ، فإن الله وعدكم الخلاص والنجاة منهم (إِنَّ مَعِي رَبِّي) بنصره وبالحفظ من فرعون وقومه (سَيَهْدِينِ) إلى سبيل النجاة كما وعدني ، ولا خلف لوعد ربّي ، ولا يخفى على ذي البصائر وأهل التحقيق أن موسى قدّم كلمة (مَعِي) في كلامه في المقام وسيّد الرّسل نبيّنا محمد صلىاللهعليهوآله أخّرها وقال : إنّ الله معنا. والوجه فيه أنّ الكليم نظر من خلال نفسه الى ربه ، وهذا مقام المريد في كتاب العرفان ونظر العارف وأمّا نبيّنا صلىاللهعليهوآله فنظر من خلال الحق الى نفسه وهذا مقام المراد ومرتبته بالنسبة إلى المريد وهو أعلى وأنبل. ولعلّ الوجه أنّ هذه المرتبة هي عبارة عن قوس النزول بعد ما فرغ عن الصعود وأخذ الفيض من المبدأ الأعلى بخلاف المقام الأول منه.
٦٣ ـ (فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ ...) أي ب (أَنِ اضْرِبْ) أو (أي اضرب) وهي بيان لما أوحي ، و (الْبَحْرَ) نهر النيل الذي هو بين أيلة ومصر (فَانْفَلَقَ) أي ضربه فانشق فبرز إثنا عشر مسلكا (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) أي كل قطعة فرقت عن أخرى كالجبل الشامخ الراسي ، فسلك كل سبط مسلكا.
٦٤ و ٦٥ و ٦٦ ـ (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ ...) أي قرّبنا هناك ، في المكان الذي انشقّ من البحر (الْآخَرِينَ) هم فرعون وقومه وجنوده حتّى سلكوا جميعا مسلك بني إسرائيل وقيل أزلفنا : جمعناهم حوالي ذلك الموضع المشقوق. ثم إنّ فرعون لما وصل إلى ساحل البحر ونظر إلى انشقاق البحر إلى اثني عشر مسلكا بهذه الكيفية التي تحيّر العقول البشرية بهت الذي كفر : ولما أراد أن يدخل البحر قال له هامان وزيره مسارّة أنت تدري أن هذا من معاجز موسى وبدعائه ، فالحذر من أن تدخله فتهلك نفسك وجنودك ولكنه لما أراد أن ينصرف جاءه جبرائيل وقد ركب على برذونة من براذين الجنّة وجاز قدام فرس فرعون ، فلما استشمّ رائحة البرذونة وقد دخل