ونحن نقول : النهي إن كان عن الشيء لغيره ، لم يدلّ على الفساد ، وذلك كالنّهي عن البيع وقت النّداء ، خلافا للشيخ أبي جعفر الطّوسي من علمائنا (١) ولمالك وأحمد.
وإن كان النهي عن الشيء لنفسه ، أو لوصفه ، فإن كان الفعل من العبادات دلّ على الفساد ، وإن كان من المعاملات ، لم يدلّ على الفساد ، وهو اختيار أبي الحسين البصري (٢) وفخر الدين الرّازي. (٣)
وقال جمهور فقهاء الشّافعيّة ، ومالك ، وأبو حنيفة ، والحنابلة ، وأهل الظّاهر كافّة ، وجماعة من المتكلّمين : إنّ النّهي يدلّ على الفساد مطلقا.
وذهب جماعة من الأشاعرة كالقفال (٤) ، والغزّالي ، (٥) وغيرهما ، وجماعة من الحنفيّة ، وجماعة من المعتزلة ، كأبي عبد الله البصري (٦) ، وأبي الحسن الكرخي (٧) ، والقاضي عبد الجبّار إلى أنّه لا يدلّ على الفساد مطلقا.
__________________
(١) العدّة : ١ / ٢٦١ و ٢٦٦.
(٢) المعتمد : ١ / ١٧١.
(٣) المحصول في علم الأصول : ١ / ٣٤٤.
(٤) هو محمد بن علي بن اسماعيل الشاشي القفّال ، من أكابر علماء عصره ، وأوّل من صنّف الجدل الحسن من الفقهاء ، وعنه انتشر مذهب الشافعي ، ولد سنة ٢٩١ وتوفّي ٣٨١ ه ، ومن كتبه أصول الفقه مطبوع. لاحظ الأعلام للزركلي : ٦ / ٢٧٤.
وهو غير محمّد بن أحمد بن الحسين بن عمر الشاشي القفّال (٤٢٩ ـ ٥٠٧ ه) ولأجل اشتراكهما في النّسبة واللّقب ربما يطرأ الاشتباه في الترجمة ، فما ذكرناه في المقام هو الصّحيح دون ما مرّ منّا في الجزء الأوّل ص ٤٧٠.
(٥) المستصفى : ٢ / ١٠٠.
(٦) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.
(٧) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.