الرابع : قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها)(١).
أجاب أبو مسلم : بأنّ النسخ الإزالة ، والمراد هنا الإزالة من اللّوح المحفوظ.
واعترض [بوجهين](٢) :
[١]. بأنّ الإزالة من اللوح المحفوظ لا تختصّ ببعض القرآن ، وهذا النسخ مختصّ ببعضه.
[٢]. ولأنّه ليس المراد الإزالة عن اللوح المحفوظ ، فإنّه قال تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) والقرآن خير كلّه ، من غير تفاوت فيه ، فلو كان المراد من نسخ الآية إزالتها عن اللوح المحفوظ ، وكتابة أخرى بدلها ، لما تحقّق هذا الوصف ، وإنّما تتحقّق الخيريّة بالنّسبة إلينا فيما يرجع إلى أحكام الآيات المرفوعة عنّا ، والموضوعة علينا ، من حيث إنّ البعض قد يكون أخفّ من البعض فيما يرجع إلى تحمّل المشقّة ، أو أنّ ثواب البعض أجزل من البعض ، على اختلاف المذاهب ، فوجب حمل النسخ على نسخ أحكام الآيات ، لا على ما ذكروه.
وفيهما نظر ، لمنع مقولتي الأول ، فإنّه يجوز أن لا يزول جميع القرآن من
__________________
(١) البقرة : ١٠٦.
(٢) الوجه الأوّل ذكره الرّازي في محصوله : ١ / ٥٤٠. وحاصله : ان النسخ في الآية عبارة عن ازالة البعض ، وهي لا تختص ببعض القرآن بل تعم كله.