١. انّ الإمامية إذ يرفضون الأخذ بالقياس والاستصلاح باعتبار أنّ إفادتهما ظنّية ، فإنّهم يقبلون الظنّيات في كثير من أصولهم وقواعدهم ، في مقدّمها أخذهم بأخبار الآحاد فإنّهم يسلّمون بكون أخبار الآحاد لا تسلم من الظنية والاحتمال ، وأذن الشرع استثناء في اعتبارها. ويكون الإجماع لديهم على حجّيتها. (١)
أقول : هذا ملخّص كلامه ، والقارئ الكريم ـ بعد الاطّلاع على ما ذكرنا من الأمور ـ يقف على الفرق الواضح عندهم بين خبر الواحد العدل ، والقياس ، فإنّ الأخذ بالأوّل ليس بملاك إفادته الظن ، بل لأجل قيام الدليل الشرعي على حجّيته ، ولو كان الدليل قائما على حجّية القياس لأخذوا به.
وبعبارة أخرى : انّ خبر الواحد ممّا قام الدليل القطعي على حجّيته فصار ظنا علميا ، أي ظنا بالذات ولكن ذو رصيد علمي ، بخلاف القياس إذ لم يرد عندهم دليل يثبت حجّيته لو نقل بقيام الدليل على خلافه.
ولأجل أن يقف الأستاذ الكريم على الفوارق بين خبر الواحد والقياس نقترح عليه مراجعة كتابنا المعنون : «أصول الفقه المقارن فيما لا نص فيه».
٢. ومن المواطن الّتي أخذوا فيها بالظنيات أيضا قولهم بحجية الظواهر ، أي أنّهم يعتمدون اعتمادا أساسيا على ما يفهم من ظواهر النصوص ، والظواهر كما هو معلوم لا تكاد تسلم من الظنية والاحتمال (٢).
أقول : إنّ العمل بالظواهر ممّا أطبق العقلاء على العمل به ، ولا نجد بينهم
__________________
(١) الصفحة ٩٤ من المجلة.
(٢) الصفحة ٩٥ من المجلة.